للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حقيقته، فأظهره الله تعالى على يد جبريل عليه السلام ليتحققوا كمال باطنه بإخباره صلّى الله عليه وسلّم عمّا شاهده في نفسه، كما برز لهم مكمل الظاهر. انتهي.

وفي غسل قلبه بماء زمزم دون غيره أنه أفضل المياه بعد النابع من أصابعه الشريفة، ويليه: ماء الكوثر، ثم نيل مصر، ثم باقى الأنهر، ونظم السبكى ذلك بقوله:

وأفضل المياه ماء قد نبع ... بين أصابع النبيّ المتّبع

يليه ماء زمزم فالكوثر ... فنيل مصر، ثم باقى الأنهر

وقيل: لأن ماء زمزم يقوّى القلب، ويسكن الرّوع.

وقال الحافظ الزين العراقي: ولذلك غسل قلبه عليه السلام ليلة الإسراء ليقوى على رؤية الملكوت، وقيل: لأنه لما كان ماء زمزم أصل حياة أبيه إسماعيل صلّى الله عليه وسلّم، وقد ربّي عليها ونما عليه قلبه وجسده، وصار هو صاحبه وصاحب البلدة المباركة، ناسب أن يكون ولده الصادق المصدوق كذلك، ولما فيه من الإشارة إلى اختصاصه بذلك؛ فإنه قد صارت الولاية إليه في الفتح «١» ، فجعل السقاية للعباس ولولده، وحجابة البيت لعثمان بن شيبة وعقبه إلى يوم القيامة.

روى الطبراني من حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام طعم وشفاء سقم» وصحّحه ابن حبان، وروى مرسلا من حديثه أيضا قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«ماء زمزم لما شرب له» ورجاله ثقات.

قال ابن عباس رضى الله عنهما: «كنا نسميها، (يعنى زمزم) ، «شباعة» «٢» ، ونجدها نعم العون على العيال» .

وروى فيه «إنه شراب الأبرار» كما عند الأزرقي، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يتحف الرجل بتحفة سقاه من ماء زمزم، كما رواه في الحلية، وقال عباد بن


(١) فتح مكة.
(٢) فى المراصد: «شباعة» بالضم من أسماء زمزم في الجاهلية.