للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الله بن الزبير: لما حجّ معاوية حججنا معه، فلما طاف بالبيت صلّى عند المقام ركعتين، ثم مر بزمزم وهو خارج إلى الصفا، فقال: انزع لى منها دلوا يا غلام، قال: فنزع له منه دلوا فأتى به فشرب وصبّ على وجهه ورأسه، وهو يقول: «زمزم شفاء، وهى لما شرب له» قال الحافظ: إسناده حسن، وهو أحسن من كل إسناد وقفت عليه لهذا الحديث، وقد جرّبه جماعة من العلماء والأئمة فوجدوه صحيحا.

وأما ما يذكر على بعض الألسنة من أن فضيلته ما دام في محله فإذا نقل تغيّر، فقال الحافظ السخاوي: إنه شيء لا أصل له؛ فقد كتب النبى صلّى الله عليه وسلّم إلى سهيل بن عمرو: «إن جاءك كتابى ليلا فلا تصبحن، أو نهارا فلا تمسين حتّى تبعث إليّ بماء زمزم» ، فبعث له بمزادتين، وكان حينئذ بالمدينة قبل أن تفتح مكة.

وحملته عائشة رضى الله عنها في القوارير، وقالت: حمله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الأداوى والقرب، وكان يصبّ منه على المرضى ويسقيهم، وكذا حمله الحسن والحسين رضى الله عنهما، ونقله جائز بإتفاق الأئمة الأربعة «١» .

وفي ماء زمزم خواص منها: أنه لا يرفع ولا يغور إذا رفعت المياه وغارت قبل يوم القيامة، ومنها أنه يذهب الصداع ويبرد الحمّي.

قال القسطلاني: «وقد وقع في شق صدره الشريف من الخوارق ما يدهش السامع؛ فسبيلك الإيمان والتسليم من غير أن تتكلف إلى التوفيق بين المنقول والمعقول، للتبرّى مما يتوهم أنه محال من: شق البطن، وإخراج القلب المؤديين إلى الموت لا محالة، ونحن بحمد الله لا نرى العدول عن الحقيقة إلى المجاز في خبر الصادق، إلا في الأمر المحال على القدرة» . انتهي.

* ثم بعد طهارة باطنه وظاهره بالوضوء، لمناسبة شهود الحضرة القدسية، أتى بالبراق مسرجا ملجما، (وهو دابة أبيض طويل، فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، وهو مأخوذ من البرق لسرعة سيره، أرسله الله تعالى من الجنة إجلالا وتعظيما، على عادة الملوك إذا استدعوا عظيما بعثوا إليه النجيب «٢» مهيّا مع أعز خواصهم للحضور، فهو من عالم الغيب: لا


(١) انظر المقاصد الحسنة للسخاوى ص ٣٥٨ ففيه تفصيل أوسع. والله أعلم.
(٢) فى اللغة: الفاضل على مثله النفيس في نوعه.