للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما سمع حسان بن ثابت قال في جوابه هذه الأبيات:

لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم ... وقدّس من يسرى إليهم ويغتدى

ترحّل عن قوم فزالت عقولهم ... وحلّ على قوم بنور مدّد

هداهم به بعد الضلالة ربّهم ... وأرشدهم: من يتبع الحقّ يرشد

وهل يستوى ضلال قوم تسفّهوا ... همّى وهداة يهتدون بمهتد

لقد نزلت منه على أهل يثرب ... ركاب هدى حلّت عليهم باعد

نبىّ يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مشهد

وإن قال في يوم مقالة غائب ... فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد

ثم تعرّض للنبى صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر رضى الله عنه سراقة بن مالك المدلجي، وعلم أنهما اللذان جعلت فيهما قريش ما جعلت لمن أتى بهما، فركب فرسه وتبعهما بزعمه، فبكى أبو بكر وقال: «يا رسول الله أتينا «١» ، قال: كلا» فلما دنا سراقة صاح وقال: يا محمد من يمنعك مني اليوم؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يمنعنى العزيز الجبار، الواحد القهار. ودعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بدعوات، وقال: «اللهم اكفنا أمر سراقة بما شئت وكيف شئت» فساخت* قوائم فرسه، فطلب الأمان، وقال:

أعلم أن قد دعوتما عليّ فادعوا لي، ولكما أن أردّ الناس عنكما ولا أضرّكما. قال سراقة: فوقفا لي، ثم ركبت فرسى حتّى جئتهما، قال: فوقع في نفسى حين لقيت ما لقيت أن سيظهر أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخبرتهما بما يريد الناس منهما، وعرضت عليهما الزاد والمتاع فلم يقبلا. وأنشد بعضهم لأبى بكر رضى الله عنه قصيدة مطلعها:

قال النبىّ ولم يجزع بوقر بى ... ونحن في سدف من ظلمة الغار

«لا تخش شيئا فإن الله ثالثنا............... ............... ...

إلي اخر القصيدة المذكورة في بعض السير.


(١) فى الأصل «أوتينا» وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه.
* أى غاصت في الأرض.