للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ [البقرة: ٢٤٨] فلمّح بالسكينة لهيبة الخليفة المأمون، وبالبقية للجواري، وبموسى وهارون لأبيه وجدّه، وهذا وإن كان من غريب الاتفاق إلا أنه لا يخلو عن التهور والخروج عن اللائق «١» .

والمراد بأهل بدر في الحديث: الذين حضروا وقعتها مع النبى صلّى الله عليه وسلّم، استشهدوا فيها أم لا؛ لأنهم ارتقوا إلى مقام يقتضى الإنعام عليهم بمغفرة ذنوبهم السابقة واللاحقة، فلا يؤاخذهم بها لبذلهم مهجهم في الله ونصرهم دينه، والمراد إظهار العناية بهم لا الترخيص لهم في كل فعل، والخطاب لقوم منهم على أنهم لا يقارفون ذنبا، وإن قارفوه لم يصرّوا، وقال القرطبي: «هذا خطاب إكرام وتشريف، تضمّن أن هؤلاء حصلت لهم حالة غفرت بها ذنوبهم السالفة، وتأهلوا لأن يغفر لهم ما يستأنف من الذنوب اللاحقة، ولا يلزم من وجود الصلاحية لشيء وقوعه، ولقد أظهر الله تعالى صدق رسوله صلّى الله عليه وسلّم في كل ما أخبر عنه بشئ من ذلك؛ فإنهم لم يزالوا على أعمال أهل الجنة إلى أن فارقوا الدنيا، وإن قدر صدور شئ من أحدهم بادر إلى التوبة» .

والشهداء ثلاثة أقسام:

الأوّل: شهيد في حكم الدنيا والآخرة في ترك الغسل والصلاة عليه، وهو من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا.

والثاني: شهيد في الدنيا دون الآخرة، وهو من قاتل رياء وسمعة وقتل، فلا يغسل ولا يصلى عليه.

والثالث: شهيد في الآخرة فقط وهو المطعون والمبطون والغريق والحريق والمحموم وطالب العلم إذا مات على طلبه، والمرأة تموت بسبب الولادة، ومن قتله مسلم أو ذمّيّ أو باغ في غير القتال، فكل هؤلاء يغسلون ويصلّى عليهم، وهم شهداء في الدار الآخرة لا في الدنيا، قاله الإمام الرافعى لأن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان غسّلا، وهما شهيدان بالإجماع.


(١) من شروط التشبيه أن يكون بين الطرفين وجه شبه، وليس كذلك هنا؛ إذ لا وجه للمشابهة بين الشياطين والملائكة، أخزى الله من قاله، ما أجرأه على القران!