للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى عنه- وحاصرهم خمس عشرة ليلة أشد الحصار، فقذف الله في قلوبهم الرعب، وكانوا سبعمائة نفس: أربعمائة حاسر «١» ، وثلاثمائة دارع «٢» ، فسألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يخلى سبيلهم وأن يجلوا من المدينة، وأن لهم نساءهم والذرية، وله صلّى الله عليه وسلّم الأموال والسلاح، فخمّست «٣» أموالهم، وأمر صلّى الله عليه وسلّم أن يجلوا من المدينة، ووكل بإجلائهم عبادة بن الصامت رضى الله تعالى عنه، وطلبوا أن يمهلهم فوق الثلاث فقال: «ولا ساعة واحدة» ، وتولّى إخراجهم بنفسه. وذهبوا إلى أذرعات- بلدة بالشام- ولم يدر الحول عليهم حتّى هلكوا أجمعين بدعوته صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال لابن أبيّ بن سلول: «لا بارك الله لك فيهم» . ووجد صلّى الله عليه وسلّم في منازلهم سلاحا كثيرا، وأخذ صلّى الله عليه وسلّم من سلاحهم ثلاث قسي، منها القوس «الكتوم» التى لا يسمع لها صوت إذا رمى بها، وهى التى رمى بها صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد، وأخذ صلّى الله عليه وسلّم درعين منهما الدرع المسماة «بالسغدية» بسين مهملة وغين معجمة، ويقال:

إنها درع داود التى لبسها حين قتل جالوت، وأخذ صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة أرماح وثلاثة أسياف، وقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أموالهم، وكانوا صاغة لا أرض لهم، وكان خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المدينة أبا لبابة.

* وفي هذه السنة: الثانية من الهجرة كانت غزوة السويق:

لما أصاب قريشا «٤» فى بدر ما أصابهم، نذر أبو سفيان ألايمس النساء والطيب حتّى يغزو محمدا، ويثار منه ومن أصحابه بمن أصيب من المشركين يوم بدر، فخرج في مائتى راكب من قريش لوفاء نذره، حتى نزل بمحل بينه وبين المدينة نحو بريد «٥» ، ثم أتى لبنى النضير، وهم حيّ من يهود خيبر ينسبون إلى هارون بن عمران «٦» ، تحت الليل «٧» فأتى حيىّ بن أخطب، وهو من رؤساء


(١) بلا درع.
(٢) يرتدى درعا.
(٣) أى قسمت خمسة أقسام.
(٤) فى الأصل «قريش» وهو خطأ.
(٥) البريد: فرسخان، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل يقدّر بحوالى ١٦٠٩ من الأمتار.
(٦) وهو هارون أخو موسى عليهما السلام.
(٧) أى في ظلام الليل الشديد، وعبر بتحت؛ لأنه جعل الليل رداءه فهو تحته والليل فوقه.