للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى خرج معهم، فأسر يوم أحد فضرب عنقه. وكان معاوية بن المغيرة بن أبى العاص الذى جدع أنف حمزة، ومثّل به، فيمن مثّل، قد انهزم يوم أحد، فمضى على وجهه فبات قريبا من المدينة، فلما أصبح دخلها، فأتى منزل عثمان بن عفان بن أبى العاص فضرب بابه، فقالت له امرأته أم كلثوم بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ليس هو ههنا، فقال: ابعثى إليه؛ فإن له عندى ثمن بعير ابتعته منذ عام الأوّل، وقد جئته به. فأرسلت إليه وهو عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما جاء قال لمعاوية: أهلكتنى ونفسك، ما جاء بك؟ قال: يا ابن عم لم يكن أحد أقرب إليّ ولا أمسّ رحما بى منك، فجئتك لتجيرني، فأدخله عثمان داره وصيّره في ناحية منها، ثم خرج إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليأخذ له منه أمانا، فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن معاوية بالمدينة، وقد أصبح بها، وقال: اطلبوه، فقال بعضهم: «ما كان ليعدو منزل عثمان، فاطلبوه به» فدخلوا منزل عثمان فأشارت أم كلثوم إلى الموضع الذى صيّره عثمان فيه، فاستخرجوه من تحت دارة لهم، فانطلقوا به إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم، فقال عثمان حين راه: والذى بعثك بالحق ما جئت إلا لأطلب له الأمان، فهبه لي، فوهبه له، وأجّله ثلاثا، وأقسم لئن وجد بعدها بشئ من أرض المدينة وما حولها ليقتلن، وخرج عثمان فجهّزه واشترى له بعيرا، وقال: ارتحل. وسار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى حمراء الأسد، وأقام معاوية إلى اليوم الثالث ليعرف أخبار النبى صلّى الله عليه وسلّم، ويأتى بها قريشا، فلما كان اليوم الرابع قال صلّى الله عليه وسلّم: «إن معاوية قد أصبح قريبا لم ينفد، فاطلبوه واقتلوه» . وأصابوه على ثمانية أميال من المدينة، وقد أخطأ الطريق، فأدركوه، وكان اللذان أسرعا في طلبه زيد بن حارثة وعمّار بن ياسر، فرمياه بالنبل حتّى مات. ومعاوية هذا أبو عائشة بنت معاوية أم عبد الملك بن مروان.

ولما قتل مصعب أعطى النبي صلّى الله عليه وسلّم الراية لعلى بن أبى طالب، وانهزم المشركون، فطمعت الرماة في الغنيمة، وفارقوا المكان الذى أمرهم النبى صلّى الله عليه وسلّم بملازمته، فأتى خالد مع خيل المشركين من خلف، وصرخ ابن قميئة: إن محمدا قتل، وانكشف المسلمون وأصاب فيهم العدو، وكان يوم بلاء المسلمين، وصليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الظهر يومئذ قاعدا، وكان عدة الشهداء منهم سبعين رجلا، وعدة قتلى المشركين اثنان وعشرون رجلا، ووصل العدو إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأصابته حجارتهم حتّى وقع، وأصيبت رباعيته وشجّ في وجهه وكلمات