للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكرمها، لا سيما رؤساؤهم الذين هم فيهم كالملوك، قال الشاعر:

وإذا سألت عن الكرام وجدتنى ... كالشمس لا تخفى بكل مكان

(رجع) ثم سار صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة، وكان قد كتب إلى النجاشى يطلب منه بقية المهاجرين، ويخطب أمّ حبيبة- رملة بنت أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية ابن عبد شمس- فزوّجها للنبى صلّى الله عليه وسلّم ابن عمها خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بالحبشة، وأصدقها النجاشىّ عن النبى أربعمائة دينار، وبعثها مع شرحبيل بن حسنة في سنة سبع، وكلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المسلمين أن يدخلوا الذين حضروا من الحبشة في سهامهم من مغنم خيبر، ففعلوا، فما أحسن زواج الحضرة النبوية بهذه الكريمة الزكية على يد هذا الملك الموفق، والتابعى «١» الذى طلع بدره على سنية الإيمان وأشرق، فقد فاق هذا الملك النجاشى بما له من حميد الخلال نجاشى كافور الخال، الذى هو ملك الجمال.

وعلى ذكر الكافور فيحسن إيراد هذا الخبر المأثور، وهو: أنه لما جرح بعض الصحابة في بعض الغزوات، فعولج أن ينقطع دمه فلم ينقطع، فقال حسان:

ائتونى بكافور، فجىء له به، فلما وضعه على الجرح انقطع دمه، فقال له صلّى الله عليه وسلّم:

ممّ أخذت هذا؟ قال: من قول امرئ القيس:

فكّرت ليلة وصلها في هجرها ... فجرت مدافع مقلتى كالعندم

فظفقت أمسح مقلتى بخدّها ... إذ عادة الكافور إمساك الدم

فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ من الشعر لحكمة» «٢» .

* وفي هذه السنة كتب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى جبلة بن الأيهم [اخر ملوك غسان] ودعاه إلى الإسلام، قال: فلما وصل إليه الكتاب أسلم وكتب جواب


(١) والنجاشى تابعى، لأنه لم ير النبى صلّى الله عليه وسلّم ولم يجتمع به.
(٢) رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، عن أبىّ، والترمذى عن ابن مسعود، والطبراني عن عمرو بن عوف، وعن أبى بكر وأبو نعيم في الحلية، عن أبى هريرة والخطيب البغدادى عن عائشة وعن حسان بن ثابت، وابن عساكر عن عمر.