للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأعلمه بإسلامه، وأرسل الهدية، وكان ثابتا على إسلامه إلى زمان عمر بن الخطاب، وفي خلافته قدم مكة للحج، وحين كان يطوف فى المطاف وطىء رجل من فزارة إزاره فانحلّ، فلطم الفزارى لطمة هشم بها أنفه وكسر ثناياه، فشكا الفزارى إلى عمر واستغاثه، فطلب عمر جبلة وحكم بأحد الأمرين: إما العفو وإما القصاص، قال جبلة: أتقتصّ له منّى سواء وأنا ملك وهو سوقى!! قال عمر: الإسلام سوّى بينكما لا فضل لك عليه إلا بالتقوى، قال: فإن كنت أنا وهذا الرجل سواء في هذا الدين فأنتصّر «١» ، قال عمر: إذا أضرب عنقك، قال: فأمهلنى إليه حتّى انظر في أمرى، فلما كان الليل ركب في بنى عمه وهرب إلى قسطنطينية وتنصّر هناك ومات مرتدا.

وبعض أهل الإسلام على أن جبلة عاد إلى الإسلام ومات مسلما.

* وفي هذه السنة اتخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الخاتم؛ ثبت في صحاح الأحاديث أن النبى صلّى الله عليه وسلّم لما أراد أن يكتب إلى كسرى وقيصر والنجاشى وغيرهم من الملوك إلى الإسلام، قيل له: إنهم لا يقبلون كتابا إلا بخاتم، أو مختوما، فصاغ النبى صلّى الله عليه وسلّم خاتما من ذهب، واقتدى به ذوو اليسار من أصحابه، فصنعوا خواتيم من ذهب، فلما لبس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خاتمه، لبسوا أيضا خواتيمهم، فجاء جبريل عليه السلام من الغد، وقال: «لبس الذهب حرام لذكور أمتك» فطرح النبى صلّى الله عليه وسلّم خاتمه فطرح أصحابه أيضا خواتيمهم، ثم اتخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خاتما حلقة وفصّه من فضة «٢» ، ونقش فيه «محمد رسول الله» فى ثلاثة أسطر: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر. واقتدى به أصحابه فاتخذوا خواتيمهم من فضة.


(١) فى الأصل «فانتصر» وهو خطأ.
(٢) «كان خاتمه من فضة: فصه منه» رواه البخارى عن أنس. «كان خاتمه من ورق، وكان فصّه حبشيا» رواه مسلم عن أنس. «كان يتختم بالفضة في يساره» رواه مسلم عن أنس، وأبو داود عن ابن عمر، «كان يختم في يمينه» رواه البخارى والترمذى، ومسلم، والنسائى عن أنس وأحمد والترمذى، وابن ماجة، عن عبد الله بن جعفر. «كان يتختم في يمينه، ثم حوّله في يساره» رواه ابن عدى عن عبد الله بن عمر، وابن عساكر عن عائشة.