للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي هذه السنة بعث صلّى الله عليه وسلّم رسله إلى الملوك، وقيل: كان إرسال الرسل في اخر سنة ست، وجمع بعضهم بين القولين بأن إرسال الرسل كان في السنة السادسة، ووصولهم إلى المرسل إليهم كان في السنة السابعة، وقد سبق الكلام على بعث الرسل إلى الملوك في الفصل الرابع عشر من الباب الأوّل من المقالة الرابعة من الجزء الأوّل من هذا التاريخ، وسيأتى ذلك في الفصل الرابع من الباب السادس.

* وفي هذه السنة- فى ذى القعدة في الشهر الذى صدّه المشركون- كانت عمرة القضاء، ويقال لها عمرة القضية. لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قاضى قريشا أى صالحهم عليها، ومن ثمّ قيل لها: «عمرة الصلح» ويقال لها عمرة «القصاص» ؛ قال السهيلى رحمه الله وهذا الاسم أولى لقوله تعالى: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ «١» قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: فتحصّل من أسمائها أربعة: «القضاء» ، و «القضية» ، و «الصلح» و «القصاص» لأنها كانت في شهر ذى القعدة من السنة السابعة، وهو الشهر الذى صده فيه المشركون عن البيت منها سنة ست، وليست قضاء عن العمرة التى صدّ عن البيت فيها، فإنها لم تكن فسدت بصدّهم له عن البيت، بل كانت عمرة تامة معدودة في عمرة صلّى الله عليه وسلّم التى اعتمرها صلّى الله عليه وسلّم بعد الهجرة، وهى أربعة: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرانة، لما قسم غنائم حنين، والعمرة التى قرنها مع حجة فى حجة الوداع، بناء على ما هو الراجح من أنه كان قارنا، وكلها في ذى القعدة إلا التى كانت مع حجه.

وخرج صلّى الله عليه وسلّم قاصدا مكة للعمرة على ما عاقد عليه قريشا في الحديبية من أن يدخل مكة في العام القابل معه سلاح المسافر، ولا يقيم بها أكثر من ثلاثة أيام، وأمر أصحابه أن يستمروا قضاء لعمرتهم التى صدهم المشركون عنها بالحديبية، وألايتخلف أحد ممن شهد الحديبية، فلم يتخلف منهم أحد، إلا من استشهد منهم بخيبر ومن مات. وخرج معه صلّى الله عليه وسلّم قوم من المسلمين عمارا غير الذين شهدوا الحديبية، وكانوا في عمرة القضاء ألفين، واستخلف على المدينة أبا رهم الغفارى، وقيل غيره، وساق ستين بدنة وقلّدها [أى جعل في عنق كل بعير قطعة جلد ليعلم أنها هدى] وجعل عليها ناجية بن جندب، وحمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم


(١) سورة البقرة: ١٩٤.