للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلاح والدروع والرماح، وقاد مائة فرس عليها محمد بن مسلمة رضى الله عنه، وعلى السلاح بشير «١» بن سعد، فلما انتهى إلى ذى الحليفة قدّم الخيل أمامه، فقيل: يا رسول الله حملت السلاح وقد شرطوا ألاتدخلها عليهم بسلاح إلا بسلاح المسافر!! [السيوف في القرب] فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا يدخل عليهم الحرم بالسلاح، ولكن يكون قريبا منّا، فإن هاجنا الهيج من القوم كان السلاح قريبا منه. ثم إن قريشا بعثت مكرز بن حفص في نفر من قريش إليه صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: «والله يا محمد ما عرفت صغيرا ولا كبيرا بالغدر وتدخل بالسلاح في الحرم على قومك وقد شرطت عليهم ألاتدخل إلا بسلاح المسافرا» [السيوف في القرب] فقال صلّى الله عليه وسلّم: إنى لا أدخل عليه بسلاح، فقال مكرز: هو الذى تعرف به: البر والوفاء، ثم رجع مكرر إلى مكة سريعا، وقال: إن محمدا لا يدخل بسلاح، وهو على الشرط الذى شرط لكم.

فلما اتصل خروجه لقريش خرج كبراؤهم من مكة حتّى لا يروه صلّى الله عليه وسلّم يطوف بالبيت هو وأصحابه عداوة وبغضا وحسدا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم- فدخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة راكبا ناقته القصوى، وأصحابه محدقون به قد توشحوا السيوف، يلبّون، ثم دخل من الثنية، وهى تنية كداء بفتح أوله والمد (وهى طلعة الحجون التى بأعلى مكة ينحدر منها إلى المقابر على درب المعلاة) على طريق الأبطح ومنى، وعبد الله بن رواحة اخذ بزمام راحلته، وهو يمشى بين يديه ويقول:

خلوا بنى الكفّار عن سبيله ... خلّوا؛ فكلّ الخير في رسوله

قد أنزل الرحمن في تنزيله ... بأنّ خير القتل في سبيله

فاليوم نضربكم على تأويله ... كما ضربناكم على تنزيله

وجعل صلّى الله عليه وسلّم السلاح في بطن بأجج (كيسمع وينصر ويضرب: موضع قريب من الحرم) وتخلّف عنده جمع من المسلمين من أصحابه، عليهم أوس بن


(١) هو: بشير بن سعد بن ثعلبة بن الجلاس (بضم الجيم) الأنصارى الخزرجى، شهد بدرا، والعقبة، وأحدا، والخندق، والمشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قتل سنة ١٣ هـ (ثلاث عشرة هجرية) بعين النمر- (بلدة في طرف بادية على غربىّ الفرات، أكثر نخلها القسب- التمر اليابس- ويحمل منها إلى سائر الأماكن) .