للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتبعنى وتؤمن بى وبالذى جاءنى؛ فإني رسول الله، وقد بعثت إليكم ابن عمى جعفرا، ومعه نفر من المسلمين، فإذا جاؤك فأقرهم «١» ودع التحيّر؛ فإني أدعوك وجنودك إلى الله تعالى، وقد بلّغت ونصحت، فاقبل نصيحتى. والسلام على من اتبع الهدى» .

فلما وصل إليه الكتاب أخذه ووضعه على عينيه، ونزل عن سريره وجلس على الأرض تواضعا وقرأه، وقال: «أشهد بالله أنه النبى الأمى الذى ينتظره أهل الكتاب، وأن بشارة موسى براكب الحمار «٢» كبشارة عيسى براكب الجمل «٣» » .

فأسلم وحسن إسلامه، وكتب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بإجابته وتصديقه وإسلامه على يد جعفر كتابا صورته:

«بسم الله الرحمن الرحيم.. إلى محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من النجاشى أصحمة بن أبحر: سلام عليك يا رسول الله من الله ورحمة الله وبركاته، لا إله إلا الله الذى هدانى للإسلام ... أما بعد ... فقد بلغنى كتابك يا رسول الله، فما ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت «ثفروقا» «٤» ، وقد عرفت ما بعثت به إلينا، وقد قرّبنا ابن عمك وأصحابه، وإنى أشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين، وقد بعثت إليك يا نبى الله ابنى أريحا، وإن شئت أن اتيك بنفسى فعلت يا رسول الله، فإني أشهد أن ما تقول حق، والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته» .

[تنبيه] فتحصّل من ذلك أن النجاشى هذا هو أصحمة الذى هاجر إليه المسلمون في رجب سنة خمس من النبوة، وكتب إليه النبى صلّى الله عليه وسلّم كتابا يدعوه إلى الإسلام مع عمرو بن أمية الضمرى سنة ست من الهجرة، وأسلم على يد جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه، وتوفى في رجب سنة تسع من الهجرة، ونعاه النبى صلّى الله عليه وسلّم يوم توفى، وصلّى عليه بالمدينة، وأما النجاشى الذى ولى بعده وكتب إليه النبى صلّى الله عليه وسلّم يدعوه إلى الإسلام فكان كافرا لم يعرف إسلامه ولا اسمه، وقد خلط بعضهم ولم يميز بينهما.


(١) أى أحسن ضيافتهم.
(٢) عيسى عليه السلام.
(٣) محمد صلّى الله عليه وسلّم.
(٤) الثفروق (بضم الثاء) : قمع الثمرة أو ما يلتزق به قمعها.