ففى غزوة حنين وسرية أوطاس وقع من إعلاء كلمة الله وإظهار شوكة الإسلام ما لا مزيد عليه، ونال فيها كثير من المسلمين أجر الشهادة، وانهزمت ثقيف إلى الطائف، وكان هذا سبب غزوة الطائف.
وفي هذه السنة كانت غزوة الطائف: والطائف بليدة كثيرة الفواكه، وهي أبرد مكان بالحجاز، وربما جمد الماء في ذروة الجبل التى هى على ظهره، وأكثر ثمرها الزبيب، وهى طيبة الهواء ينتجع إليها أغنياء مكة أيام الصيف لذلك.
وسبب هذه الغزوة أنه لما انهزمت ثقيف من حنين إلى الطائف، وأغلقوا مدينتهم، سار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وحاصرهم نيفا وعشرين يوما، وقاتلهم بالمنجنيق، ودخل نفر من المسلمين تحت دبابة (بدال مهملة وباءين مواحدتين بينهما ألف لينة اخره هاء: الة تتخذ للحروب، فتدفع في أصل الحصن، فينقبون وهم في جوفها) ودنوا إلى سور الطائف، فصبّوا عليهم سلك الحديد المحمى ورموهم بالنبل، فأصابوا منهم قوما، وأمر صلّى الله عليه وسلّم بقطع أعنابهم، ثم رحل عنهم ونزل
(١) لو أنه ورد فيه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم شيء لكان على العين والرأس، ولكنه قيل علي الظّنّة، ولذلك قال الحليمى رحمه الله تبارك وتعالى: «إطلاق العادل عليه لتعريفه بالاسم الذى كان يدعى به، لا لوصفه بالعدل والشهادة له بذلك، بناء علي اعتقاد المعتقدين فيه، إلى أن قال: «ولا يجوز أن يسمى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من لم يحكم بغير حكم الله عادلا» اهـ. وأما امرؤ القيس فقال فيه عليه الصلاة والسلام: «امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار» رواه الإمام أحمد، وقال أيضا: «امرؤ القيس قائد لواء الشعراء إلى النار؛ لأنه أحكم قوافيها» رواه أبو عروبة في الأوائل، وابن عساكر. ومن المعروف أن أهل الفترة ناجون إلا جماعة ذكرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالاسم منهم امرؤ القيس، ومن المعروف أن امرأ القيس كان رجل خمر ونساء، وذا لسان مقذع في وصف النساء، مما كان يهيج العرب ويوقع بعضهم ببعض، والله تعالى أعلم.