للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنيّ اجتنب كلّ ذي بدعة ... ولا تصحبن من بها يوصف

فيسرق طبعك من طبعه ... وأنت بذلك لا تعرف

وقد سئل الشمس الرملي: كيف كان جبريل يقرئ النبى صلّى الله عليه وسلّم؟ فأجاب بأنه كان يقرأه عليه أولا ليعلّمه إياه، ثم بعد ذلك كان يدارسه القران، بأن يقرأ هذا على هذا والاخر كذلك.

وكان صلّى الله عليه وسلّم لا ينتقم لنفسه ولا يغضب لها، إلا أن تنتهك حرمات الله، فيغضب لله، وإذا غضب لم يقم لغضبه أحد، وكان أرجح الناس عقلا وأفضلهم، يكثر الذكر ويطيل الصمت، دائم البشر، وكان أصدق الناس وأوفاهم ذمة، وأوسعهم صدرا وأكرمهم عشيرة، وأحسنهم خلقا، وإذا انتهى إلي قوم جلس حيث ينتهى به المجلس، يؤلّف أصحابه ولا ينفّرهم، ويكرم كلّ كريم قوم ويولّيه عليهم، ويثنى على مكارم الأخلاق، فأثنى بذلك علي حاتم الطائى حين تعرفت إليه ابنته بأبيها، وذلك أنها سبيت في جمع من نساء قومها في غزوة هوازن، فلما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المسجد قامت إليه فقالت: «يا محمد مات الوالد وغاب الوافد، فلا تشمت بى أحياء العرب، فإني ابنة من كان يقرى الضيف ويفك العاني، ويطلق الأسير ويعطى السائل» فقال صلّى الله عليه وسلّم: من أبوك؟ فقالت: حاتم الطائي، قال:

«خلّوا عنها إن أباها كان يحب مكارم الأخلاق» فأثنى على أبيها مع كفره، وخلّى عن ابنته ومن معها لأجله، فهذه اثار صنائع المعروف مع الكفر والعصيان، فكيف مع الطاعة والإيمان!!؟.

قيل: إن ابنة حاتم الطائى دعت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين منّ عليها بالخلاص من الأسر فقالت: «شكرتك يد افتقرت بعد غني، ولا ملكتك يد استغنت بعد فقر «١» ، وأصاب الله بمعروفك مواضعه، ولا جعل لك إلى لئيم حاجة، ولا سلبت نعمة عن كريم إلا وجعلت سببا لردّها» .


(١) لأن اليد التى افتقرت بعد غنى هى أليف الكرم، والاخرى والعياذ بالله أليف الفقر وضجيعه، أرضعها بلبانه.