للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قومى فأهريقى ما في تلك الفخارة، قلت: قد والله شربت ما فيها؟ قالت:

فضحك النبى صلّى الله عليه وسلّم حتّى بدت نواجذه، ثم قال: «أما والله لا يجعن بطنك أبدا» .

وعن ابن جريج قال: أخبرت أن النبى صلّى الله عليه وسلّم كان يبول في قدح من عيدان ثم يوضع تحت سريره، فجاء فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها «بركة» كانت تخدم أمّ حبيبة، جاءت معها من أرض الحبشة: «أين البول الذى كان في القدح؟ قالت: شربته، قال: «صحة يا أم يوسف» فما مرضت قط، حتى كان مرضها الذى ماتت فيه.

وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أمّ أيمن أمّى بعد أمّي» وكان يزورها، ثم أبو بكر، ثم عمر.

وقال الواقدي: حضرت أم أيمن أحدا فكانت تسقى الماء وتداوى الجرحى وشهدت خيبر، وتوفيت في أوّل خلافة عثمان، كذا في الصفوة.

قال ابن الجوزي: مواليه ثلاثة وأربعون، وإماؤه إحدى عشرة، كذا في المواهب اللدنية. ولم يكونوا في وقت واحد، بل كان كلّ بعض في وقت.

ويأتى ذلك موضحا في الفصل الأوّل من الباب الأوّل الاتى في خدمه وحشمه وأرباب الوظائف الدينية التى كانت إذ ذاك في الخطة الإسلامية، واقتدى به فيها الخلفاء الراشدون، وتوسّع فيها الملوك والسلاطين المقتدون.

قال صاحب كتاب «تخريج الدلالات السمعية» «١» ما ملخصه: «إنّ من لم ترسخ في المعارف قدمه، وليس لديه من أدوات الطالب إلا يداه وقلمه، يحسب كثيرا من الأعمال السلطانية مبتدعا لا متّبعا، وأن العامل على خطة دنيوية ليس عاملا في عمالة سنّيّة، ويظن أن عمالته دنيّة، فلهذا جمعت ما علمته من تلك العمالات في كتاب يوضّح نشرها، ويبين الأمر لمن جهل أمرها، فيعترف الجاهل، وينصف المتحامل، فذكرت في كل عمالة من ولّاه عليها الرسول صلّى الله عليه وسلّم من الصحابة، ليعلم ذلك من يليها الان، فيشكر الله على أن استعمله في عمل


(١) للعلامة أبى الحسن علي بن محمد المعروف بالخواص التلمسانى المتوفى ١٧٨٩ هـ، نشره المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عام ١٤١٥ هـ/ ١٩٩٥ م.