لقلتها، ولأقررت بها عينيك عند الفراق، لما أرى من شدة وجدك ونصيحتك» ثم أنشد:
ولقد علمت بأنّ دين محمّد ... من خير أديان البريّة دينا
لولا الملامة أو حذار مسبّة ... لوجدتني سمحا بذاك مبينا
ودعوتني وعرفت أنك ناصحي ... ولقد صدقت وكنت فيه أمينا
لكن سوف أموت على ملة أشياخ عبد المطلب وهاشم وعبد مناف» . انتهي.
لأنه لا يبعد أن تكون ملة عبد المطلب وهاشم وعبد مناف هى ملة إبراهيم، حيث هم من أصوله.
وحكى عن هشام بن الكلبى أنه قال:«لما احتضر أبو طالب جمع إليه وجوه قريش فأوصاهم فقال: يا معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه» إلى أن قال:
«وإنى أوصيكم بمحمد خيرا؛ فإنه الأمين في قريش، والصديق في العرب، وهو الجامع لكل ما أوصيكم به، وقد جاء بأمر قبله الجنان وأنكره اللسان، مخافة الشنان، وأيم الله كأنى أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الوبر والأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته، وصدّقوا كلمته، وأعظموا أمره، فخاض بهم غمرات الموت، وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا، ودورها خرابا، وضعفاؤها أربابا، وإذا أعظمهم عليه أحوجهم إليه، وأبعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها، وأصفت له فؤادها، وأعطته قيادها.
يا معشر قريش: كونوا له ولاة، ولحزبه حماة، والله لا يسلك أحد سبيله إلا رشد، ولا يأخذ أحد بهديه إلّا سعد، ولو كان لنفسى هذه مدة، ولأجلى تأخّر لكففت عنه الهزاهز، ولدفعت عنه الدواهي» ثم مات.
وكان موته قبل الهجرة بثلاث سنين وأربعة أشهر، قبل موت خديجة رضى الله عنها بثلاثة أيام، وله من الولد: طالب، ومات على دين قومه، وعقيل، وجعفر، وعليّ، ومن الإناث ثنتان: أم هانيء (واسم هانيء فاختة وقيل هند وقيل فاطمة) ، وجمانة، أسلموا ولهم صحبة، وأمهم جميعا: فاطمة بنت أسد بن هاشم، والعقب من أبى طالب في ثلاثة أبطن، وهم: العلويون أولاد علي، والجعفريون أولاد جعفر، والعقيليون أولاد عقيل.