للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- عليه السلام -: "إن كل ذلك إلا خرافات وأباطيل تمجها الآذان، وتردها العقول والأذهان، ويل لمن لاكها ولفقها أو سمعها وصدقها" (١).

ونثنى عنان الكلام إلى وجهة أخرى، لنحرر بها بقية الكلام الموصل إلى تلك النتيجة من عصمة يوسف لنردفها بما يتعلق بعصمة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونبين بها بقية الأدلة على ذلك، بتحليل بقية الآيات ومقارنتها ببعضها، لتستنير بذلك الصورة كاملة أو تضيء كافة جوانبها بما لا يدع مجالاً للشك في عصمة الأنبياء، ومقدمهم في ذلك سيدنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهي تحمل في ظاهرها ومطاويها الردود الجازمة على المستشرقين، حيث قررت أن أضرب صفحًا عن ذكر كلامهم، لعدم موضوعيته ولعدم حيدته، مع شدة تهافته، إلا ما كان جديرًا بالنظر فنشير إليه في حينه.

نبدأ هذه الأدلة بكلام الإمام الرازي رحمه الله حيث يقول: القول الرابع: أن كل من كان له تعلق بتلك الواقعة فقد شهد ببراءة يوسف - عليه السلام - من المعصية.

واعلم أن الذين لهم تعلق بهذه الواقعة: يوسف - عليه السلام -، وتلك المرأة وزوجها، والنسوة، والشهود، ورب العالمين شهد ببراءته عن الذنب، وإبليس أقر ببراءته أيضًا عن المعصية (٢).

أما بيان أن يوسف - عليه السلام - ادَّعى البراءة عن الذنب فهو فيما يلي:

أولاً: قوله: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} والمراودة قبل الهم، فهو تبرئه لنفسه في هذا المقام عن المراودة، وعن الهم من باب الأولى، أي هي راودتني، أنا لم أراودها، أنا لم أفعل شيئًا، أنا نصحتها لم ترتدع، أنا جريت منها كما ترون عندما همت بي، ولو كان هناك أدنى تعلق يتعلق


(١) العلامة أبو السعود "إرشاد العقل السليم" (٩٥، ٩٦/ ٣).
(٢) انظر الفخر الرازي "مفاتيح الغيب" (٢٦ - ٢٨/ ٩).

<<  <   >  >>