للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما ينبغي الوقوف عنده من الآيات التي ذكرها القرآن الكريم، والتي تؤكد عصمة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، من المخالفات والمعاصي كافة، وكررها القرآن في أكثر من موضع؛ لينوه بفضله وعلو مرتبته - عليه الصلاة والسلام - والتي تبين من تغاير السياق التي سيقت فيه تعدد جوانب العصمة، واكتمالها في النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبالتالي تضيف إلى ما سبق تأكيدات مهمة بشأن عناية الله به، تصديقاً للرسالة، وتأييداً للنبوة التي جاء بها صلوات الله وسلامه عليه، وهذه الآيات ثلاث آيات:

الأولى: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦)} [الأنعام: ١٥ - ١٦]

الثانية: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَى إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥)} [يونس: ١٥]

الثالثة: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣)} [الزمر: ١٣] وقبلها قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (١١) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (١٢)} [الزمر: ١١ - ١٢] وبعدها:

{قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤)} [الزمر: ١٤].

والمتأمل لهذه الآيات الكريمات يلاحظ ما يلي:

- أن قوله {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي} مصدر في موضعين من المواضع الثلاثة، والموضع الثالث محتمل لها، وهذا التلقين للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الله تعالى يدل على عنايته بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحفظه له، ورده عنه، وتثبيته إياه في تلك المواقف العصيبة، لم يترك له أن يرد هو، بل علمه الرد الذي لا مدفع له، في الوقت الذي يمدحه، ويثني عليه بهذا التلقين، وهو من الإيجاز والإعجاز القرآني العالي، إذ تجمع هذه الجملة العديد من المعاني التي لا تحصل بغيرها، وإن

<<  <   >  >>