للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وفي الصحيح عن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه كان عند المعراج به إلى السماء (١).

- ووقع له - عليه الصلاة والسلام - أيضًا عند مجيء جبريل - عليه السلام - بالوحي في غار حراء، وممن روى ذلك الطيالسي والحارث في مسنديهما، وكذا أبو نعيم ولفظه؛ أن جبريل وميكائيل عليهما السلام شقا صدره وغسلاه، ثم قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} الآيات.

- يقول العلامة الألوسي بعد تفسيره للآية: "نعم حمل الشرح في الآية على ذلك الشق ضعيف عند المحققين". (٢) ونقول نعم حمل الآية عليه بخصوصه لا غير ضعيف، أما أن يدخل في عموم المنة بشرح صدره الشريف فلا مانع أن يكون الرب جل وعلا قد جمع له - كما جمع له من قبل الأخلاق الكاملة - كافة كل شرح يكون سبب علوه ورفعته، وسبب صبره وتحمله، واستمراره في دعوته، ومن ثم بعد أن ذكر العلامة ابن عاشور مثل كلام العلامة الألوسي رحمهما الله، عقب بما يدل على أن الآية تفيده فقال رحمه الله: " وليس في شيء من هذه الأخبار على اختلاف مراتبها ما يدل على أنه الشرح المراد في الآية، وإذ قد كان هذا الشق معجزة خارقة للعادة يجوز أن يكون مرادًا، وهو ما نحاه أبو بكر بن العربي في الأحكام، وعليه يكون الصدر قد أطلق على حقيقته، وهو الباطن الحاوي للقلب." (٣)

- وعلى أي حال فإن كلا المعنيين للشرح يفيد أنه إيقاع معنى عظيم في غاية العظمة لنفس النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إما مباشرة، وإما باعتبار مغزاه كما لا يخفى. (٤)

- وقد أيد سياق الآية الكريمة باستخدام الجار والمجرور في قوله تعالى: {لَكَ} ما سبق من ثناء، حيث اللام في قوله {لَكَ} للتعليل، وهو يفيد تكريمًا للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأن الله جل وعلا فعل ذلك لأجله، ومن وجهة أخرى يفيد زيادة الجار والمجرور، وتوسيطه بين الفعل


(١) البخاري، الصحيح (٣٤٩، ٣٣٤٢)، مسلم، الصحيح (٢٣٧).
(٢) الألوسي، "روح المعاني" (٣٠١/ ٣٠).
(٣) العلامة ابن عاشور "التحرير والتنوير" (٤٠٩/ ٣).
(٤) السابق.

<<  <   >  >>