للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين أوتوا علم التوراة والإنجيل كبحيرى هذا وغيره.

وقوله تعالى: "وإن فريقًا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون"، وهم معظم الذين أوتوا الكتاب، ثم بقي فريق آخر يعلمون الحق ويعلنون به، وهم الذين آمنوا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من اليهود قبل عبد الله بن سلام الحبر اليهودي الذي أسلم، وتميم الداري النصراني الذي أسلم أيضًا.

ودلت الآية على أنه لا يعبأ ولا يلتفت لهؤلاء الذين لا يعلمون الحق فضلاً عن أن يكتموه إذ لم يدخلوا في قوله: "الذين آتيناهم الكتاب" [الأنعام: ٢٠]، ولا يشملهم قوله: "يعرفونه كما يعرفون أبناءهم".

أما الآية الثانية:

فالضمير في قوله: "يعرفونه" عائد إلى القرآن الكريم؛ إذ لم يسبق ذكر للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو المخاطب، بل جرى ذكر القرآن الكريم في قوله تعالى: "لأنذركم به ومن بلغ" في قوله تعالى: "قل الله شهيدٌ بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن" [الأنعام: ١٩].

وقد جاءت جملة: "الذين آتيناهم الكتاب" مستأنفة، انتقل بها أسلوب الكلام من مخاطبة الله تعالى المشركين على لسان الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى إخبار عام كسائر أخبار القرآن الكريم، وهذا الانتقال ليثبت استشهادًا جديدًا على صدق القرآن الكريم وهو الآية المعجزة العامة الدائمة المتضمن صدق من جاء به وهو النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذلك بعد شهادة الله في قوله: "قل الله شهيد بيني وبينكم".

وقد كان المشركون يقدرون أهل الكتاب ويثقون بعلمهم، وربما اتبع بعض المشركين دين أهل الكتاب كورقة بن نوفل إلى أن بعث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكانت شهادتهم عند المشركين موثوقاً بها إذا أدوها ولم يكتموها.

<<  <   >  >>