للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمرها، إذ الغالب أن المرأة تبلغ سن اليأس من الإنجاب قبل الخمسين. (١)

فأما القاسم وعبد الله فماتا قبل الإسلام، وأدركت البنات الإسلام فأسلمن وهاجرن مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (٢)

توفيت خديجة قبل هجرة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة بثلاث سنوات (٣)، وذلك قبل حادثة الإسراء والمعراج، في نفس البيت، ولم يتركه الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا بعد الهجرة حيث أخذه عقيل بن أبي طالب فيما أخذ (٤).

كانت خديجة رضي الله عنها أول من تزوج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يتزوج عليها حتى ماتت وإن كانت هي قد تزوجت قبله مرتين، فكانت ثيبًا وأكبر سنًا منه مما يدل على عدم اهتمام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما يهتم به أقرانه من متعة الجسد، وإلا لابتغى من هي أصغر منه سنًا، وبكرًا تلائمه ولكنه رغب في خديجة رضي الله عنها التي كانت تلقب بالعفيفة الطاهرة، وظل هذا الزواج قائمًا حتى ناهز هو - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخمسين من عمره الشريف، مما يدل دلالة قاطعة على أن التعدد ما كان بعد ذلك لدوافع الشهوة والمتع الزائلة، ولو شاء لوجد الكثير دون خروج عن عادة وقيم ومألوف القوم حينئذ.

إن الثابت في الصحيحين وغيرهما من دواوين السنة والسيرة تؤكد المكانة التي حلتها خديجة من الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل البعثة وبعدها إلى يوم القيامة، وعلى تلك الدرجة العالية لها عند


(١) د. أكرم العمري، "السيرة النبوية الصحيحة" (١١٣/ ١).
(٢) ابن حجر، "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (٢٩١/ ١٤)، ابن كثير، "البداية والنهاية" (٣١٨ - ٣١٩/ ٢)، ابن إسحاق، ابن هشام، "السيرة النبوية" (١٢٢ - ١٢٣/ ١).
(٣) ابن هشام، "السيرة النبوية" (٤٦ - ٤٧/ ٢).
(٤) الفاكهي، "أخبار مكة" (٧/ ٤).

<<  <   >  >>