القول الذي ليس تحته شيء، وإنما هو جعجعة يدخل بها في روع من أمامه.
يقول (١): من وجهة نظر المجتمع المكي، كان محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد وضع قدمه على أول درجة - على الأقل - من درجات النجاح الدنيوي.
وربما لم تكن خديجة - رضي الله عنها - من الثروة كما يقال عنها أحيانًا.
ولكننا نستطيع أن نفترض أن محمداً - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد أصبح لديه رأس مال يكفيه للحصول على نصيب متوسط من الأعمال التجارية.
وأول ما يفجعنا به " وات " من التهويل الذي لا علاقة له بالبحث - لأنه لا يستند إلى الواقع - هو قوله: من وجهة نظر المجتمع المكي؛ هكذا بكل سهولة! ينظر جميع المكيون على أن محمداً - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهذه الزيجة، قد وضع قدمه على أول درجات النجاح الدنيوي! .. ترى من الذي أخبر "وات" بذلك؟! في أي كتاب، أم من أي مصدر استقى "وات" هذه المعلومة؟! دعك من هذا، بل من أي دليل استنبط "وات" هذه النتيجة؟! تراه كان يعيش بينهم؟!، أم أجرى هذا الاستطلاع في مكة؟!، أم أجراه أحد الموثقين وأخبر به "وات" خفية لم يطلع عليه غيرهما؟! ... وهل هذا الاستطلاع شمل المكيين كافة في مجتمعهم كما يزعم؟! ... كل ذلك - للأسف - لم يكن؛ بل هو من تأليف "وات" للتاريخ، وبنى عليه هذا التهويل.
ثم إليك هذا الرد، وهو أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما وضع قدمه على أولى درجات النجاح كما يدعي "وات" إلا لأنه سيستحوذ - لأنه لم يستحوذ بعد - على مال خديجة - رضي الله عنها -، والسؤال منذ متى كانت البيئة والطبيعة العربية، تسمح للزوج بأن يحوز مال امرأته إليه، بل إن الحياء والشهامة تأبى إلى اليوم أن يأخذ الرجل شيئًا يخص زوجته أو يطمع فيه، ومنذ
(١) "وات"، محمد في مكة (١٠٠)، ترجمة د. عبد الرحمن الشيخ وآخر.