المستبعد، وها هي ذي خديجة كانت ترسل التجار ليتاجروا ويضاربوا لها في كل الأسواق المعلومة في ذلك الزمن شامية كانت أو يمانية أو غيرها.
ووصولاً إلى الاحتمال الحق الذي قامت عليه الحجة، وأيده البرهان، وسيكون من كلام "وات" نفسه للنزاهة العلمية، ونبدأ فنقول إن الاحتمال الأول قد زيفه "وات" نفسه فبعد أن أمرنا أن نتذكر دائمًا أنه مستبعد، أنبأنا أنه ليس مستبعدًا تمامًا فمحا كلامه، فلم يعد التذكر الدائم للاستبعاد حقًا بل هو باطل منقوص مشكوك فيه، وكذلك الاحتمال الثالث أن نتذكر دائمًا أنه مستبعد وغير مستبعد تمامًا فهذا كوميديا تراجيديا، فلم يبق إلا الاحتمال الثاني وهو أنه غير مستبعد، وهو الحق، وقد أقام "وات" نفسه البرهان والحجة على أنه لم يستبعد بهذه الوجوه التي ذكرها بنفسه.
الأول: أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان قادرًا على أن يزوج ابنته لأحد أفراد قبيلة عبد شمس، وكأنه يريد أن يقول إن محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان قد وصل إلى درجة من الغنى يصاهره بها أحد أفراد هذه القبيلة الغنية من التجار الأثرياء. فكيف يناسبهم وهم مستبعدوه؟
الثاني: يقول أن لخديجة دورًا بارزًا في هذه الزيجة لأنه ابن أختها، فكأنها هي الأخرى من الأثرياء اللاتي يتدخلن فتكون لهم الكلمة، ويمضي قولهم، وبالتالي يعود ذلك في هذا الحين على موقف سيدنا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنه بلا أدنى شك رجل هذا الموقف.
الثالث: أن أبا لهب المفترض كما يذكر "وات" أن يكون زعيم بني هاشم، خطب ابنتين من بنات النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لابنيه، وما ذلك إلا لموقفه الحالي ومستقبله الواعد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بني هاشم، ثم يريدنا "وات" بعد أن هدم كلامه بكلامه، وأظهر دجله وحيفه وظلمه، وعدم نزاهته وأمانته فيما يسميه بحثًا، أن نتذكر دائمًا أن محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان مستبعدًا كما يدعي