للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا يتضح ما جاء به النبي محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الحق الذي يشهد به أهل الكتاب ولا يستطيعون كتمه وإلا لما طلب من المشركين أن يطلبوا خبر ذلك منهم، وما كتم أو أخفى شيئا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وما أصيب من أصيب إلا من قلة فهمه لكلام العرب وأساليبهم، ولكانوا أول راد له معترض عليه لو وجدوا مغمزًا في عربيته أو معناه.

وهي في النهاية شهادة من أهل الكتاب على صحة رسالته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصدق نبوته وأنها من عند الله جل وعلا، وقد جاء قوله تعالى دليلاً لذلك حيث يخبر بفرح أهل الكتاب بكلام الله، فيقول {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} [الرعد: ٣٦].

ونذيل هذا المبحث بكلام الإمام ابن تيمية حيث يقول: (والأخبار بمعرفة أهل الكتاب بصفة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عندهم في الكتب المتقدمة متواترة عنهم). (١)

ثم قال: (ثم العلم بأن الأنبياء قبله بشروا به يعلم من وجوه ...)

أحدها: ما في الكتب الموجودة اليوم بأيدي أهل الكتاب.

الثاني: إخبار من وقف على تلك الكتب ممن أسلم وممن لم يسلم بما وجدوه من ذكره بها.

وهذا مثل ما تواتر عن الأنصار أن جيرانهم من أهل الكتاب كانوا يخبرون بمبعثه، وأنه رسول الله وأنه موجود عندهم، وكانوا ينتظرونه، وكان هذا من أعظم ما دعا الأنصار إلى الإيمان به لما دعاهم إلى الإسلام حتى آمن الأنصار به وبايعوه.

وقد أخبر الله بذلك عن أهل الكتاب في القرآن، قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ


(١) ابن تيمية، "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" (٣٤٠/ ١).

<<  <   >  >>