للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستعار ثقل القول لاشتماله على معان وافرة يحتاج العلم بها لدقة النظر وذلك بكمال هديه ووفرة معانيه. وحسبك أنه حوى من المعارف والعلوم ما لا يفي العقل بالإِحاطة به فكم غاصت فيه أفهام العلماء من فقهاء ومتكلمين وبلغاء ولغويين وحكماء فشابه الشيء الثقيل في أنه لا يقوى الواحد على الاستقلال بمعانيه.

{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (٦)} ..

والمعنى: أن في قيام الليل تزكية وتصفية لسرّك وارتقاء بك إلى المراقي الملكية.

والوِطاء: الوفاق والملاءمة، قال تعالى: {لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: ٣٧]. والمعنى: أن صلاة الليل أوفق بالمصلي بين اللسان والقلب، أي بين النطق بالألفاظ وتفهم معانيها للهدوء الذي يحصل في الليل وانقطاع الشواغل وبحاصل هذا فسر مجاهد (١).

والأقوم: الأفضل في التقوي الذي هو عدم الاعوجاح والالتواء واستعير {وَأَقْوَمُ} للأفضل الأنفع.

فالمعنى: أن صلاة الليل أعون على تذكر القرآن والسلامة من نسيان بعض الآيات، وأعون على المزيد من التدبر (٢).

{إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (٧)} ..

يفيد تأكيداً للمحافظة على قيام الليل لأن النهار لا يغني غَناءه فيتحصل من المعنى: قم الليل لأن قيامه أشد وقعاً وأرسخ قولاً، لأن النهار زمن فيه شغل عظيم لا يترك لك خلوة بنفسك. وشغل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في النهار بالدعوة إلى الله وإبلاغ القرآن وتعليم الدين


(١) ابن عاشور، التحرير والتنوير (٢٩/ ٢٦٣).
(٢) ابن عاشور، التحرير والتنوير (٢٩/ ٢٦٣).

<<  <   >  >>