- إن بنود تلك المعاهدة، التي تنظم هذه العلاقات، بين المسلمين واليهود، تبدأ من البند الرابع والعشرين، إلى السابع والأربعين.
- وإن أول ما يطالعنا في تلك النصوص، هو الحرية الدينية لليهود، وإنهم ما زالوا على ذلك، حتى لما غدروا وأخرجهم الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من المدينة، بنقضهم تلك المواثيق، خرجوا وهم يهود، ومن بقى منهم - من غير القبائل الثلاث اللاتى نكثت أيمانها، ومزقت كتب مواثيقها -، ظل يتمتع بتلك الحرية الدينية، والبقاء في المدينة، حتى إن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توفي ودرعه مرهون عند يهودي (١).
- لم يقتصر الأمر على ذلك، بل جعل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك لليهود، ولحلفائهم ولمن تهود من المشركين، فقالت الوثيقة: لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ومواليهم وأنفسهم (٢٥ - ٣٥، ٤٦).
- وأكدت كذلك، أن المسؤلية الجنائية، لا تخص إلا صاحبها، فلا يأثم امرؤ بحليفه، وأن النصر للمظلوم، وأن من ظلم وأثم لايوتغ إلا نفسه وأهل بيته، كما هو الحال مع المسلمين، أو يتركون المدينة، فهم كذلك. (٣١، ٣٧ ب).
- وإن أجار اليهود أحداً، فهو كالنفس غير مضار ولا آثم، ولكن لاتجار حرمة إلا بإذن أهلها، فلا يفتئت أحد على أحد بجوار إلا أن يوافق أهل المستجير. (٤٠، ٤١).
- ثم جعلت الوثيقة المدينة حرماً آمناً، حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة، فلا يحل انتهاكه، فلا يقتل صيده، ولا يقطع شجره، وحرم المدينة بين الحَرَّة الشرقية والحرة الغربية، وبين جبل ثور في الشمال، وجبل عير في الجنوب، ويدخل وادى العقيق في الحرم، وبذلك