أحلت هذه المادة الأمن في المدينة، ومنعت الحروب الداخلية (١)، وبناء عليه جاءت نصوص التعاون والتناصر، وتتلخص في أن بين أهل هذه الصحيفة، النصر والنصح والنصيحة، والبر دون الإثم، وتفصيل بعضه فيما يلى:
- أن بينهم النصر على من دهم يثرب، وعلى كل أناس حصتهم التى من قبلهم،
(٤٤، ٤٥) فعلى اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم.
- ومهما كان المؤمنون محاربين، فإن اليهود ينفقون معهم ما داموا كذلك.
- وأنهم إذا دعوا صالح فإنهم يصالحونه، وكذلك المؤمنؤن إلا من حارب في الدين، ومن ثَمَّ لا تُجَار قريش ولا من نصرها. لما بينها وبين المسلمين من حرب، وأذى شديد بسبب الإسلام.
- ولوجود هذه الوثيقة، فإنه لا يخرج من المدينة أحد، إلا بإذن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لسلطانه على المسلمين، ولعهده مع اليهود؛ وذلك لما يراه من مصلحة، كأمن المدينة، أو اقتصادها، أو غير ذلك من المصالح العامة، فإن الجميع يخضع للنظام العام، حيث أقر اليهود بسلطة عليا تحاكم فيما يعن من شجار، بين المسلمين واليهود، وهي الرجوع إلى الله تعالى وإلى رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إن كان ما يدخل في ذلك، ليس مما يختصمون فيه من قضاياهم الشخصية، فهم يردون فيها إلى التوراة، ليقضى لهم فيها أحبارهم، إلا حيث يحكمون فيها الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإن شاء قضى بينهم، وإن شاء أعرض عن ذلك، كما قال تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢)} [المائدة: ٤٢].
(١) انظر النووي، شرح مسلم، باب فضل المدينة (١٠٣٠)، ومحمد حميد الله، الوثائق السياسية، ص (٤٤١، ٤٤٢)، وأشار إلى ذلك د. أكرم العمري، السيرة النبوية، ص ٢٩٢.