للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عدد الجيش قد بلغ ألفاً (١)، معهم القيان يضربن بالدفوف، ويتغنون بهجاء المسلمين (٢).

خالف بنو زهرة كلام أبى جهل، ورجع الأخنس بن شريق بهم، وكذلك طالب بن أبى طالب، لما اتهمهم - أي بنى هاشم - من اتهم من قريش بأن هواهم مع محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

تقدم جيش المشركين - مع ذلك - حتى نزلوا قريباً من بدر، وراء كثيب يقع بالعدوة القصوى (٣)، وتبين بذلك أن هدفهم ليس إنقاذ القافلة، بل تأديب المسلمين، وتخليص طرق التجارة من تعرضهم، وإعلاء شأن قريش وهيبتها عند العرب.

أما عن المسلمين، وقد وصلوا بدراً لملاقاة القافلة غير مستعدين لغير ذلك من مواجهة الجيش المكى، وخشى فريق من المؤمنين من لقاءٍ لم يتجهزوا له بكامل عدتهم وعتادهم، فجادلوا الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك، وفيها نزل القرآن الكريم (٤): {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: ٥ - ٧].

فقام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باستشارة الصحابة بعد أن أخبرهم بالموقف وما عزمت عليه قريش (٥)، فقام من قادة المهاجرين أبو بكر - رضي الله عنه -، فقال وأحسن، وقام عمر - رضي الله عنه - فقال وأحسن، وقام


(١) النووى، شرح صحيح مسلم (٢/ ٨٤).
(٢) ابن كثير، البداية والنهاية (٣/ ٢٦٠) وذكر ابن اسحاق أنهم كانوا تسعمائة وخمسين مقاتلاً معهم مائة فرس، ومعهم القيان.
(٣) ابن هشام، السيرة النبوية (٣/ ١٩٣).
(٤) سنعود إليها إن شاء الله في عرض السيرة في القرآن الكريم مع المقارنة والتحليل.
(٥) ابن اسحاق، ابن هشام، السيرة النبوية (٢/ ١٨٩)، وإسناده صحيح. وانظر د. أكرم العمرى، السيرة النبوية (٣٥٨).

<<  <   >  >>