للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والزبير وسعد بن أبى وقاص فأسر ساقيين من سقاة قريش وأتوا بهما النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يصلى، وبعد الصلاة استجوبهما فعرف منهما عدد قريش مما ينحرون من الجزور، وذكروا له من بالجيش من أشراف مكة (١)، فقال الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأصحابه: «هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها» (٢). وأشار - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أماكن مصارع بعض قادة قريش فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٣).

سبق الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قريشاً إلى ماء بدر ليحول بينهم وبين الماء، وعندما استقروا في المكان، بنوا لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عريشاً - شبه خيمة - ليكون مقراً للقيادة وظلاً للقائد (٤).

ومما طمأن الله به المؤمنين ..

إنزال المطر تلك الليلة على معسكر المؤمنين، ووبالاً شديداً على المشركين، وفيه يقول الله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (١١)} [الأنفال: ١١]) (٥) (، فكان دهساً للمؤمنين، ثبت به أقدامهم، وربط على قلوبهم، وأذهب عنهم رجز الشيطان.

كذلك من نعمه تعالى عليهم وفضله الذى تقووا به على ملاقاة الكافرين يوم بدر، إلقاء النعاس عليهم، وإنه لمن المنن عظيمة، أن ينام الجند في وقت الخطر لملاقاة عدوهم،


(١) مسلم (١٧٧٩)، وأحمد في المسند (٢/ ١٩٣) وهو صحيح الإسناد عند الشيخ أحمد شاكر، وقد صحح إسناد أحمد الهيثمى في مجمع الزوائد (٦/ ٧٦) فقال: رجال أحمد رجا الصحيح غير حارثة بن مضرب وهو ثقة، وانظر د. مهدى رزق الله، السيرة النبوية المصدر السابق نفس الموضع.
(٢) ابن اسحاق، ابن هشام، السيرة النبوية (٢/ ١٩١).
(٣) مسلم (١٧٧٩)، في قصة غزوة بدر.
(٤) قصة العريش ثابتة بأحاديث صحيحة كما ذكر ابن كثير في البداية والنهاية عن ابن اسحاق (٣/ ٣١٢)، وورد في حديث ابن عباس عند البخاري (٤٨٧٧)، وهو في قبة ... إلى آخر الحديث، وانظر د. مهدى رزق الله، السيرة النبوية (٣٤٦).
(٥) الخبر عند أحمد، المسند تحقيق أحمد شاكر (٢/ ١٩٣)، وعند ابن هشام (١٩٣)، وابن كثير البداية والنهاية (٣/ ٢٩٢)، والتفسير له (٣/ ٥٤٦ - ٥٦٤).

<<  <   >  >>