مثله، وقف موقفه مع الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفعل وفعل للمسلمين، أيضرب وجهه مثل هذا بالسيف؟!
الرابع: أن هناك من بنى عمومته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حضر بدراً، كأبى سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعقيل بن أبى طالب، وغيرهم، ولم يأمر بتركهم ولا حماية حيواتهم.
الخامس: هذا الوفاء الفذ الذى كان يمكن أن يحمل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المن على جميع الأسرى بغير فداء للمطعم بن عدى - وقد مات كافراً - وذلك في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لو كان المطعم بن عدى حياً ثم كلمنى في هؤلاء النتن لأطلقتهم له»، وما كان ذلك إلا لما قام به المطعم من حماية النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإجارته له عند دخوله مكة راجعاً مصاباً من الطائف.
وهذا يوضح لنا الرد على ما سنذكر من أقوال المستشرقين، واتهاماتهم للنبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزوة بدر، بما سنذكر طرفاً منه.
كما يؤكد كذلك هذه الروح العالية، التى لا تنسى اليد التى امتدت لها خلال الضيق والأذى أن تكافئها؛ لا أن تقول: لو قتل هؤلاء أهذا كان جزائى الذى قدمته لهم؟! ألم يشفع عندهم ما بذلته لهم حال اضطهادهم وتعذيبهم وضعفهم؟! ألم تكن هذه يداً بيضاء امتدت إليهم يوماً تغيثهم من شدة عانوها، أو محنة لاقوها؟! ولم تمتد لهم يوماً بأذى، فاستوت اليوم مع من آذوهم وعذبوهم؟! لم يكن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبداً كذلك، بل هو المثل الأعلى للوفاء الكامل.
نزول الملائكة:
لابد من الإشارة إلى مدد السماء في هذه الموقعة الأولى، بنزول الملائكة تؤيد المؤمنين، وتقاتل معهم، وذلك لأمرين: