للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤاخذة.

"والجهل" هنا ضد الحلم والرشد، وهو أشهر إطلاق الجهل في كلام العرب قبل الإسلام، فالمراد بالجاهلين السفهاء كلهم؛ لأن التعريف فيه الاستغراق، وأعظم الجهل هو الإشراك، إذ هو أشد السفاهة.

وهذه الآية أوقفت المرء كثيراً عن الرد على المستشرقين إذ هم بهذه الحالة من رد الحق من معانديهم وسفهائهم توجب الإعراض عنه، وكذلك من مدعي العلمية والحياد؛ لأن الإنصاف يحمل على اتباع الإسلام، فأين اتباعهم للإسلام الذي لابد أن يقودهم إليه تفكيرهم الحر، ونزاهتهم في البحث!

إن الإعراض عنهم بالترك والإهمال، والتهوين من شأن ما يجهلون به من الأقوال والأفعال، وعدم الدخول معهم في جدال لا ينتهي إلا إلى الشد والجذب، وإضاعة الوقت والجهد لهو الأولى.

على أن جمعاً من المفكرين اليوم يميلون إلى تفنيد هذه الآراء لأولئك المستشرقين إظهاراً لصورة الإسلام الصحيح، ورداً للظلم والافتراء الواقع عليه، وعلى المسلمين، ودعوة لدين الإسلام بتبيين جمال الإسلام وعظمته، وببيان عظمة رسوله وفخامته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهي وجهة لها ما يؤيدها أيضاً من الشرع، ويساندها من الواقع.

وننوه في آخر الآية بكلام للطاهر بن عاشور حاصله أن الآية حوت مكارم الأخلاق فيقول: وقد جمعت هذه الآية مكارم الأخلاق؛ لأن فضائل الأخلاق لا تعدو أن تكون عفواً عن اعتداء فتدخل في {خُذِ الْعَفْوَ}، أو فعل خير واتساماً بفضيلة فتدخل في {وَأْمُرْ

<<  <   >  >>