وإما أن تكون:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}، وما عطف عليها واقعة موقع التعليل لوجوب الأوامر الثلاثة المتقدمة وهي تقوى الله واصلاح ذات البين وطاعة الله ورسوله، لأن ما تضمنته هذه الجمل التى بعد {إِنَّمَا}، من شأنه أن يحمل المتصفين به على الامتثال لما سبق في الجمل.
وإذ قدر كان الاحتمالان غير متنافيين صح تحميل الآية عليهما توفيراً لمعانى الكلام المعجز فإن علة الشيء مما يسأل عنه، وإن بيان العلة مما يصح أن يكون استئنافاً بيانياً. (١)
ونسوق توضيحاً مختصراً لتلك الصفات، يليق بالباعث التاريخى للأحداث وهو شغل المؤرخ، لا لتفسير القرآن الكريم، ليكون المرء على ذُكر منه لأنه سوف تتكرر معنا هذه المعانى والأوصاف في كل السباقات القرآنية للسيرة النبوية، مع زيادات في كل مرة تُستكمل بها جوانب الشخصية المسلمة، وفي نفس الوقت تظهر لنا الآثار السيئة في بعض أخبار السيرة لعدم تمسك المسلمين على المستوى الفردى أو الجماعى بتلك الخصائص والصفات، كما جاء في غزوة أحد في سورة آل عمران قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢)} [آل عمران: ١٥٢]، إذ هي من الصفات التى وصى بها وحذر من المآل السيء لمخالفتها مبكراً بعد غزوة بدر، وفي نفس السياق يتضح لنا الرد على (وات) والمستشرقين من قبله فيما يتعلق بمنهجهم التاريخى في عرض السيرة.
نعود إلى شرح معانى تلك الصفات وعلاقتها بالاحداث ..