مجرد تصور قلبى واعتقادى لتتزود منه الأمة المسلمة الزاد المقنع الذى لا شك فيه لواقعها ومستقبلها .... إلى أن يقول: ولتوقن كل عصبة مسلمة أنها تملك ما تهزم وتغلب خصومها وأعداءها مهما تكن من القلة والعدة المادية ومهما كان أعداؤها بالكثرة والاستعداد والعتاد، ما كانت هذه الحقائق لتستقر كما استقرت بالمعركة الفاصلة بين قوة الإيمان وقوى الطغيان.
وينظر الناظر اليوم وبعد اليوم ليرى الآماد المتطاولة بين ما أرادته الجماعة المؤمنة لنفسها يومذاك وما أراده الله لها، بين ما حسبته خيراً لها وبين ما قدره الله لها من الخير، وكم يخطيء الناس حين يحسبون أنهم قادرون على أن يختاروا لأنفسهم خيراً مما اختاره الله لهم، وحين يتضررون مما يريده الله لهم مما قد يعرضهم لبعض الخطر أو يصيبهم بشيء من الأذى بينما يكمن وراءه الخير الذى لا يخطر لهم ببال ولا بخيال.
وهذا كفيل بالرد على كل كلام أثاره المرجفون المبشرون من المستشرقين وغير المبشرين منهم على غزوات الرسول جميعاً فضلاً عن سيرته العطرة، إننا نسبق الكلام لنقول ذلك لأنه لن يبقى بعد ذلك مجال للرد على وات.
ونستأنف كلاماً أخيراً في هذه الجزئية لسيد قطب حيث يقول: فأين ما أرادته العصبة المسلمة مما أراده الله لها .. ؟ لقد كانت تمضى - لو كانت لهم غير ذات الشوكة - قصة غنيمة. قصة قوم أغاروا على قافلة فغنموها! فأما بدر فقد مضت في التاريخ كله قصة عقيدة قصة نصر حاسم وفرقان بين الحق والباطل. قصة انتصار الحق على أعدائه المدججين بالسلاح المزودين بكل زاد والحق في قلة من العدد وضعف في الزاد والراحلة. قصة انتصار القلوب حين تتصل بالله، وحين تتخلص من ضعفها الذاتى. بل قصة انتصار حفنة من القلوب الثابتة المستعلية على الواقع المادى، وبيقينها في حقيقة القوى وصحة موازينها، قد انتصرت