للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرحلة جديدة يحسب لها حسابها، بحيث جاءت أحد والخندق بكل أعداء الداخل والخارج توقعاً لقوة المسلمين الفتية وأدائهم القوى في ظاهر الأمر.

لم تكن أهداف المسلمين إذا عند معركتهم وبعد نزول القرآن الكريم بتحديد تلك الأهداف كما ادعى المستشرقون، بل التطلع المادى، قد حسم قبل المعركة بكلمات الله التى بين لهم بعد المعركة.

الهدف الثالث: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨)} [الأنفال: ٨].

واللام هنا للتعليل وهي متعلق بقوله: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} [الأنفال: ٧]، أي أراد ذلك وكون أسبابه بكلماته لأجل تحقيقه الحق وإبطاله الباطل، وأفاد التعليل هنا معنى الحصر، أي ما فعل إلا لذات الفعل لهذه الغاية الجليلة لا لشيء آخر، ولا لغرض آخر، وقد سيقت الآية لبيان الحكمة الداعية إلى اختيار ذات الشوكة ونصرهم عليها، مع إرادتهم لغيرها، فلا يكون تكرار، إذ الأول لبيان تفاوت ما بين الإرادتين، وهذا لبيان الحكمة الداعية إلى ما ذكر. (١)

والحق هو حق من قبل ومن بعد وكذا الباطل، ومعنى يحق الحق إذا هو اظهار حقيقته، فيشتهر ويرتفع ذكره لا جعله حقاً بعد أن لم يكن، وكذا الباطل وهذا في التعبير القرآنى المجيد توكيد أيضاً لإحقاق الحق بنفى ضده وهو إبطال الباطل؛ لأن احقاق الحق من لوازمه إبطال الباطل، كما قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: ٢١]، لأنه لما كان الباطل ضد الحق لزم من ثبوت أحدهما انتفاء الآخر، فصار كل ذلك لتوكيد احقاق الحق، كما في قوله تعالى: {قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام: ١٤٠].


(١) انظر أبا السعود، إرشاد العقل السليم (٢/ ٣٤٥)، والألوسى، روح المعانى (٦/ ٢٤٩)، الرازى، التفسير الكبير (٧/ ٤٤٨ - ٤٤٩)، الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير (٩/ ٢٧٠ - ٢٧٣).

<<  <   >  >>