للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صلوات الله وسلامه عليه - لهم، وقد تحقق ذلك، فقد ورد أنه عُرِض عليه ما سيفتح الله على أمته من بعده فَسَرَّهُ ذلك (١)، فكان عطاء الله له، وفضله عليه عظيماً، فجاءت الآية التالية لتجلي هذا العطاء، وتبرز ذلك الفضل من الله - جل وعلا - للنبي - عليه الصلاة والسلام - حيث تبين قيمة الفضل درجة المتفضل عليه، وذلك في قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: ٥]، والواو للعطف على جملة القسم، وحرف الاستقبال لإفادة أن هذا العطاء الموعود به مستمر لا ينقطع، كما سنعود إليه في سورة الليل في قوله: {وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١)} [الليل: ٢٣].

ونلاحظ على معانى الآية ما يلي:

- حذف المفعول الثاني لـ {يُعْطِيكَ} يشعر بعموم العطاء له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أي أنه سيعطيه كل ما يرجوه من خير، فأفادت الجملة هنا تعميم العطاء، كما أفادت التي قبلها عموم الأزمنة، وهذا الخير لنفسه ولا يكمل إلا بخير أمته ودينه - عليه الصلاة والسلام - (٢) فهو عطاء من كل شيء في كل الأزمنة، وقد جمعت الآية بين حرف التوكيد، وهو لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة، والتأخير في سوف ليدل على أن العطاء كائن لا محالة (٣)، وإن تراخى لحكمة فزاد هذا العطاء، علاوة على أنه مستمر لا ينقطع، كونه لا محالة في وقوعه.

وما يُعبر بهذه التعبيرات البليغة إلا لكون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الدرجة العليا من الثناء والرفعة، وفي المكانة التي لم نسمع بمثلها لأحد.


(١) انظر الطاهر بن عاشور "التحرير والتنوير" (١٩٧، ١٩٨/ ٣٠).
(٢) انظر السابق.
(٣) انظر الفخر الرازي "التفسير الكبير" (٤٧٣/ ١٦)، والبيضاوي "أنوار التنزيل" (٥٠٢/ ٥)، وأبا السعود "إرشاد العقل السليم" (٨٧٩/ ٥).

<<  <   >  >>