للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وترتفع وتيرة الفضل، وحسن العطاء، ليجيء التعبير بفاء التعقيب في {فَتَرْضَى} لتفيد كون هذا العطاء عاجل النفع، بحيث يحصل به رضا المعطَى، فلا يترقب أن يحصل نفعه بعد تربص (١).

- رأينا قوله: {يُعْطِيكَ رَبُّكَ} بإضافة رب دون اسم "الله" العلم إلى ضميره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما يؤذن به لفظ الرب من الرأفة واللطف، وللتوسل بإضافته إلى ضمير المخاطب، وهو النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للإشعار بعنايته برسوله، وتشريفه بإضافة "رب" إلى ضميره.

أما هذا العطاء الذي وعد الله رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - به فقد خاض المفسرون والمؤرخون وغيرهم فيه، وما اجتمعوا إلا على أن عطاء الله هذا لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد تحقق كاملاً، ووقع مصداقاً لما أخبر به، أقر بذلك الكافرون والمسلمون.

فما هذا الذي أعطيه - صلوات الله وسلامه عليه - لقد أعطى عدة كريمة شاملة لما أعطاه الله - عز وجل - في الدنيا من كمال النفس، وعلوم الأولين والآخرين، وظهور أمره بالظفر والنصر على أعدائه يوم بدر ويوم فتح مكة، ودخول الناس في دين الله أفواجاً، وإعلاء الدين بالفتوح الواقعة في عصره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفي أيام خلفائه الراشدين وغيرهم من الملوك الإسلامية، وفشو الدعوة والإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، علاوة على ما ادخر له في الآخرة من الكرامات التي لا يعلمها إلا هو - جل جلاله -.

ونأتي في نهاية الكلام على هذه الآيات من السورة التي تختص بما نحن بصدده من الثناء على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى مقارنتها بما سبق من الآيات التي تثني على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتمدحه، لتتضح بقية جوانب هذا البحث، ذلك الترتيب الزمني الذي تسلم كل سلسلة فيه إلى ما يليها في


(١) انظرالطاهر بن عاشور "التحرير والتنوير" (٣٩٨/ ٣٠).

<<  <   >  >>