للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحن بصددها.

أما ما ورد عن أبي بكر - رضي الله عنه - فعن أبي هريرة: أن أبا بكر قال بعد نزول هذه الآية: «والذي أنزل عليك الكتاب يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخي السرار حتى ألقى الله». (١)

وزاد أنه - رضي الله عنه - كان يرسل إلى الوفود إذا قدموا على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من يعلمهم كيف يسلمون، ويأمرهم بالسكينة والوقار عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

أما عمر - رضي الله عنه - ففي صحيح البخاري: قال ابن الزبير: فما كان عمر يسمع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد هذه الآية حتى يستفهمه. (٢)

وكان على هذا الأدب أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام حيث كان يأتي الأعرابي فيرفع صوته بحضرته فيعلمونه ويرشدونه بقولهم اخفض صوتك إنك عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (٣)

مضى على تلك الأخلاق الحسنة الأجيال الفاضلة التي علت ودانت لها الدنيا، حتى ظهرت هذه الأخلاق الآثمة من الكفرة ومدعي الإسلام، تتنقص الرسول وتسيء إليه، وترفع صوتها فوق صوته، بل ترد قوله، وتمجد قول غيره وتعظمه وتنعق به، وتسير وراءه، وهنا مكمن الخطر، وموضع الزلل، وهو الشق الثاني في الآية الكريمة، الذي يبين عاقبة


(١) رواه الحاكم (٣٧٢٠) وقال على شرط مسلم ووافقه الذهبي (٥٠١/ ٢)، والبزار (٤٥)، (١١٠)، والبيهقي (١٥٢٠) (١٩٧/ ٢)، انظر الطاهر بن عاشور "التحرير والتنوير" (٢٢٠/ ٢٦)، وأبا السعود "إرشاد العقل السليم" (٦٠٨/ ٥).
(٢) البخاري (٤٨٤٥)، (٦٨٧٢)، والترمذي (٣٢٠٩)، وأحمد (١٥٧٧٣)، (١٥٧٤٦)، وإرشاد العقل السليم، والتحرير والتنوير (المصدران السابقان).
(٣) انظر أبا السعود "إرشاد العقل السليم" (٩٢/ ٣).

<<  <   >  >>