حالٍ ما غير متقين، وهي كناية تلويحية لكون الانتقال بعدة لوازم وفي هذه المعاني درس المسلمين اليوم.
- ويجوز أن يجعل فعل {امْتَحَنَ} مجازًا مرسلاً عن العلم، أي علم الله أنهم متقون، وعليه تكون اللام من قوله {لِلتَّقْوَى} متعلقة بمحذوف حال من قلوب، أي كائنة للتقوى، فاللام للاختصاص وهو القول الثاني.
- أو هو سبحانه علم كون هذه القلوب مفعمة بالمحبة لرسوله تستحق ذلك بفضله، فأخلصها للتقوى كامتحان الذهب لتمييز إبريزه من خبثه، وهذا من فضل الله تعالى ومنته على أولئك المستجيبين لله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم، ويكون فيه فوزهم في الآخرة، ورفع رايتهم في الدنيا.
- وجملة "لهم مغفرة وأجر عظيم" جعلت جزاء للغاضين أصواتهم، الملتزمين بالشرع المؤدب مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، في مقابل عقاب أولئك المنحرفين عنه المتعاملين معه على هذا الحال النكد، فهؤلاء لم يغفر لهم؛ لأنهم كفروا بذلك الفعل، وذلك شرع الله القائل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (٣٤)} [محمد: ٣٤] وبالتالي حبط عملهم فلم يستفيدوا منه بشيء على عكس أولئك المؤمنين المتقين، حيث غفر لهم ما يمكن أن يفلت منهم من تقصير بمقتضى البشرية، وأثيبوا على عملهم الصالح، وخص منه سلوك الأدب مع الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالأجر العظيم مبالغة في تقدير عملهم هذا وتنويهًا برفعة قدره، وعلو شأنه.
- والجملة {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} للمفسرين فيها إعرابان، الأول: أنها خبر إن، وذهب الزمخشري إلى أن خبر أن هو اسم الإشارة مع خبره، وجعل جملة {لَهُمْ} مستأنفة.
فعلى القول الأول فإن {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} هو المقصود من هذا الاستئناف، وما بينهما