كما أنها في قوله "فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه" و"فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار" وقوله "إن الله يعلم ما يدعون من دونه" ونحو ذلك استفهام، والجعل في مواضع نصب، وليست في قوله "أعلم بمن ضل عن سبيله" باستفهام؛ لأن ما قبل الاستفهام من الفعل لا يضاف إلى الاستفهام بالحرف كما لا يعمل فيه بغير الحرف. ألا ترى أنه لا يجوز:"أحسن ممن أنت" فكما لا تضيف "أحسن" يعني إلى "من"؛ لانقطاع ما قبل الاستفهام عن الاستفهام كذلك لا يجوز أن تكون "من" استفهامًا، وتضيف إليها "أعلم" بالباء. فإذا لم تكن استفهامًا كانت موصولة. يدلك على ذلك عطف المؤقت عليها وهو قوله "وهو أعلم بالمهتدين" فالصلة في التوقيت مثل "المهتدين".
فإن قلت: ما الدليل على أن "ما" في هذه الآي استفهام وما تنكر من أن تكون "علمت" في الآي بمعنى عرفت؟
فإنه لا يمتنع ذلك إلا أن حملها على العلم أسبق إلى النفس؛ ولذلك حملها النحويون على معنى العلم في هذه الآي.