وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنِ اعْتَقَدَ مَعَانِيَ بِرَأْيِهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهَا بِأَلْفَاظٍ تُنَاسِبُهَا بِنَوْعِ مُنَاسَبَةٍ، وَتِلْكَ الْأَلْفَاظُ مَوْجُودَةٌ فِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَهَا مَعَانٍ أُخَرَ، وَيَجْعَلَ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ دَالَّةً عَلَى مَعَانِيهِ الَّتِي رَآهَا، ثُمَّ يَجْعَلَ الْأَلْفَاظَ الَّتِي تَكَلَّمَتْ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ وَجَاءَتْ بِهَا الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ أَرَادُوا بِهَا مَعَانِيهِ هُوَ، وَهَكَذَا فَعَلَ سَائِرُ أَهْلِ الْإِلْحَادِ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ، كَمَا فَعَلَتْهُ النَّصَارَى مِثْلَ مَا عَمَدَتِ الْمَلَاحِدَةُ الْمُتَّبِعُونَ لِفَلَاسِفَةِ الْيُونَانَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْلَاكَ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالتَّوْرَاةِ وَلَا غَيْرِهَا مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ، وَلَا هُوَ عَالِمٌ بِالْجُزْئِيَّاتِ لَا بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ وَلَا بِغَيْرِهِ، وَلَا هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَ بِمَشِيئَةٍ، وَلَا يُقِيمُ النَّاسَ مِنْ قُبُورِهِمْ، فَقَالُوا: خَلَقَ وَأَحْدَثَ وَفَعَلَ وَصَنَعَ وَنَحْوَ ذَلِكَ يُقَالُ عَلَى الْإِحْدَاثِ الذَّاتِيِّ، وَالْإِحْدَاثِ الزَّمَانِيِّ.
فَالْأَوَّلُ: هُوَ إِيجَابُ الْعِلَّةِ لِمَعْلُولِهَا الْمُقَارِنِ لَهَا فِي الزَّمَانِ.
وَالثَّانِي: إِيجَادُ الشَّيْءِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، ثُمَّ قَالُوا: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَأَحْدَثَ ذَلِكَ وَأَبْدَعَهَ وَصَنَعَهُ، كَمَا أَخْبَرَتْ بِذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، لَكِنْ مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ الْإِحْدَاثُ الذَّاتِيُّ، وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ مَعْلُولٌ لَهُ لَمْ يَزَلْ مَعَهُ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: لَمْ يَسْتَعْمِلْ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute