للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّلَامُ بَلْ وَلَا أَحَدٌ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ لَفْظَ الْخَلْقِ وَالْإِحْدَاثِ إِلَّا فِيمَا كَانَ بَعْدَ عَدَمِهِ، وَهُوَ مَا كَانَ مَسْبُوقًا بِعَدَمِهِ وَوُجُودِ غَيْرِهِ، وَمَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ فِي جَمِيعِ لُغَاتِ الْأُمَمِ، وَأَيْضًا فَاللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي لُغَةِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَا لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا بَعْضُ النَّاسِ، وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي يَدَّعُونَهُ لَوْ كَانَ حَقًّا لَمْ يَتَصَوَّرْهُ إِلَّا بَعْضُ النَّاسِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ الْعَامُّ الَّذِي تَدَاوَلَهُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ مَوْضُوعًا لَهُ إِذَا كَانَ هَذَا يُبْطِلُ مَقْصُودَ اللُّغَاتِ، وَيُبْطِلُ تَعْرِيفَ الْأَنْبِيَاءِ لِلنَّاسِ، فَكَيْفَ وَهُوَ بَاطِلٌ فِي صَرِيحِ الْمَعْقُولِ؟ كَمَا هُوَ بَاطِلٌ فِي صَحِيحِ الْمَنْقُولِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ أَحَدًا قَطُّ عَبَّرَ عَنِ الْقَدِيمِ الْأَزَلِيِّ الَّذِي لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا وَلَا يَزَالُ بِأَنَّهُ مُحْدَثٌ أَوْ مَخْلُوقٌ أَوْ مَصْنُوعٌ أَوْ مَفْعُولٌ، فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُمُوهُ كَذِبٌ صَرِيحٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لِتُوهِمُوا النَّاسَ أَنَّكُمْ مُوَافِقُونَ لَهُمْ، وَالْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ كَالتَّوْرَاةِ وَالْقُرْآنِ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَالْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَكَذَلِكَ الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ كَالتَّوْرَاةِ وَالْقُرْآنِ قَدْ أَخْبَرَتْ بِتَكْلِيمِ اللَّهِ لِمُوسَى وَبِنِدَائِهِ إِيَّاهُ مِنَ الطُّورِ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَفِي التَّوْرَاةِ أَنَّهَا شَجَرَةُ الْعُلَّيْقِ.

وَأَخْبَرَتْ بِأَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُلْقِي عَصَاهُ فَتَصِيرُ حَيَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>