للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا: أَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ فِي الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ وَجْهٍ، وَبِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ وَجْهٍ لَا يَخْتَصُّ الْمَسِيحُ بِهِ، فَالْمَخْلُوقَاتُ كُلُّهَا مُشْتَرِكَةٌ فِي أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا قِوَامَ لَهَا إِلَّا بِهِ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ، وَهِيَ كُلُّهَا مُفْتَقِرَةٌ إِلَيْهِ مُحْتَاجَةٌ إِلَيْهِ مَعَ غِنَاهُ عَنْهَا، وَلِهَذَا كَانَتْ مِنْ آيَاتِ رُبُوبِيَّتِهِ وَشَوَاهِدِ إِلَهِيَّتِهِ.

وَمَنْ سَمَّاهَا مَظَاهِرَ وَمَجَالِيَ، بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَهُ نَفْسَهَا تَظْهَرُ فِيهَا، فَهُوَ مُفْتَرٍ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَظْهَرَ بِهَا مَشِيئَتَهُ وَقُدْرَتَهُ وَعِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ، فَأَرَادَ بِالْمَظَاهِرِ وَالْمَجَالِي مَا يُرَادُ بِالدَّلَائِلِ وَالشَّوَاهِدِ، فَقَدْ أَصَابَ.

وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ: هِيَ آثَارُهُ وَمُقْتَضَى أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ.

وَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ، فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَمَعْرِفَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ وَنُورَهُ وَهُدَاهُ يَحُلُّ فِي قُلُوبِهِمْ، وَهُوَ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَالْمِثَالُ الْعِلْمِيُّ، فَلَا اخْتِصَاصٌ لِلْمَسِيحِ بِهَذَا، وَكَذَلِكَ كَلَامُهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، لَا اخْتِصَاصَ لِلْمَسِيحِ بِذَلِكَ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الشُّعَاعَ لَمْ يُخَالِطِ الْمَاءَ وَالطِّينَ، وَلَا يُخَالِطُ شَيْئًا مِنَ الْأَعْيَانِ وَلَا يَنْفُذُ فِيهِ وَلَا يَتَّحِدُ بِهِ، بَلْ يَكُونُ عَلَى سَطْحِهِ الظَّاهِرِ فَقَطْ، لَكِنَّ الشُّعَاعَ يُسَخِّنُ مَا يَحُلُّ فِيهِ، فَإِذَا سَخَنَ ذَلِكَ، سَخَنَ جَوْفُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>