وَإِنْ أُرِيدَ شُعَاعُهَا، فَشُعَاهُا لَيْسَ هُوَ الشَّمْسُ، فَلَا يَنْفَعُهُمُ التَّمْثِيلُ بِهِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ نَفْسَهُ اتَّحَدَ بِالْمَسِيحِ، وَالْمَسِيحُ - عِنْدَهُمْ - هُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ مَعَ أَنَّهُ إِنْسَانٌ تَامٌّ، فَهُوَ - عِنْدَهُمْ - إِلَهٌ تَامٌّ، إِنْسَانٌ تَامٌّ، وَالطِّينُ لَيْسَ بِشُعَاعٍ تَامٍّ، وَلَا طِينٍ تَامٍّ، وَالشُّعَاعُ نَفْسُهُ لَا يُخَالِطُ شَيْئًا، وَلَكِنْ يَقُومُ بِهِ، وَقِيَامُ الْعَرَضِ بِالْمَحَلِّ غَيْرُ مُخَالَطَتِهِ لَهُ، فَإِنَّ الْمُخَالَطَةَ تَكُونُ بِاخْتِلَاطِ كُلٍّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ بِالْآخَرِ، كَاخْتِلَاطِ الْمَاءِ بِالطِّينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَا يَقُومُ بِالسَّطْحِ الظَّاهِرِ فَيُقَالُ: إِنَّهُ مُخَالِطٌ بِجَمِيعِ الْأَجْزَاءِ، فَلَا يُقَالُ لِلشُّعَاعِ الَّذِي عَلَى الْجِبَالِ وَالْبَحْرِ: إِنَّهُ مُخَالِطٌ لِجَمِيعِ الْجِبَالِ وَالْبَحْرِ، وَلَا لِشُعَاعِ النَّارِ: إِنَّهُ مُخَالِطٌ لِلْحِيطَانِ وَدَاخِلٌ لِلْأَرْضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ قَسَّمُوا هَذَا الْبَابَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: اخْتِلَاطُ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ بِالْآخَرِ، كَالْمَاءِ وَالْخَمْرِ.
وَالثَّانِي: اتِّصَالٌ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَاطٍ، كَالْمَاءِ وَالزَّيْتِ، وَالْإِنَاءِ الَّذِي بَعْضُهُ فِضَّةٌ وَبَعْضُهُ ذَهَبٌ، وَقَالُوا: إِنَّ هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّى اخْتِلَاطًا مَعَ افْتِرَاقِ الطَّبِيعَتَيْنِ وَالْقِوَامَيْنِ، مِثْلَ مَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْقُلَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا خُلْطَةٌ ; لِأَنَّ طَبِيعَةَ الْفَخَّارِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَاءِ خُلْطَةٌ.
وَهَذَا الْفَرْقُ مَوْجُودٌ فِي الشُّعَاعِ وَالطِّينِ، بَلْ بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرْقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute