للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَبُوا الْمَسِيحَ أَوِ الْمُشَبَّهَ بِهِ وَبَيْنَ تَخْلِيصِ هَؤُلَاءِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالذُّرِّيَّةِ كَانَ ظَالِمًا مُعْتَدِيًا وَاللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ ظُلْمِهِمْ بَلْ وَعَلَى عُقُوبَتِهِ إِذَا لَمْ يَنْتَهِ عَنْ ظُلْمِهِمْ.

فَلِمَاذَا أَخَّرَ مَنْعَهُ مِنْ ظُلْمِهِمْ إِلَى زَمَنِ الْمَسِيحِ؟ وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ وَنَاصِرُهُمْ وَمُؤَيِّدُهُمْ وَهُمْ رُسُلُهُ الَّذِينَ نَصَرَهُمْ عَلَى مَنْ عَادَاهُمْ بَلْ أَهْلَكَ أَعْدَاءَهُمُ الَّذِينَ هُمْ جُنْدُ الشَّيْطَانِ فَكَيْفَ لَا يَمْنَعُ الشَّيْطَانَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ أَنْ يَظْلِمَهُمْ وَيَجْعَلَ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَهَنَّمَ هَذَا إِنْ قُدِّرَ أَنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الشَّيْطَانَ بَعْدَ مَوْتِ أَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ وَسُقُوطِ التَّكْلِيفِ عَنْهُمْ وَاسْتِحْقَاقِهِمْ كَرَامَتَهُ وَإِحْسَانَهُ وَجَنَّتَهُ بِحُكْمِ وَعْدِهِ وَمُقْتَضَى حِكْمَتِهِ فَجَعَلَهُ مُسَلَّطًا عَلَى حَبْسِهِمْ فِي جَهَنَّمَ؟ ! .

وَإِنْ قَالُوا: الرَّبُّ - عَزَّ وَجَلَّ - مَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِهِمْ مِنَ الشَّيْطَانِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ ظَالِمٌ مُعْتَدٍ عَلَيْهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَّا بِأَنْ يَحْتَالَ عَلَيْهِ بِإِخْفَاءِ نَفْسِهِ لِيَتَمَكَّنَ الشَّيْطَانُ مِنْهُ ; كَمَا يَزْعُمُونَ فَهَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ الْعَظِيمِ وَجَعْلِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ عَاجِزًا ; كَمَا جَعَلُوهُ أَوَّلًا ظَالِمًا فِيهِ مِنَ التَّنَاقُضِ مَا يَقْتَضِي عَظِيمَ جَهْلِهِمُ الَّذِي جَعَلُوا بِهِ الرَّبَّ جَاهِلًا، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّهُ احْتَالَ عَلَى الشَّيْطَانِ لِيَأْخُذَهُ بِعَدْلٍ ; كَمَا احْتَالَ الشَّيْطَانُ عَلَى آدَمَ بِالْحَيَّةِ فَاخْتَفَى مِنْهُ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَنَّهُ نَاسُوتُ الْإِلَهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>