للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَاسُوتُ الْإِلَهِ لَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

فَلَمَّا أَرَادَ الشَّيْطَانُ أَخْذَ رُوحِهِ لِيَحْبِسَهُ فِي جَهَنَّمَ كَسَائِرِ مَنْ مَضَى وَهُوَ لَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً اسْتَحَقَّ الشَّيْطَانُ أَنْ يَأْخُذَهُ الرَّبُّ وَيُخَلِّصَ الذُّرِّيَّةَ مِنْ حَبْسِهِ.

وَهَذَا تَجْهِيلٌ مِنْهُمْ لِلرَّبِّ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَمَّا يَقُولُونَ مَعَ تَعْجِيزِهِ وَتَظْلِيمِهِ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ هُوَ سَلَّطَ الشَّيْطَانَ عَلَى بَنِي آدَمَ كَمَا يَقُولُونَ. فَلَا فَرْقَ بَيْنَ نَاسُوتِ الْمَسِيحِ وَغَيْرِهِ إِذِ الْجَمِيعُ بَنِي آدَمَ، وَأَيْضًا فَإِذَا قَدَّرَ أَنَّ النَّاسُوتَ يَدْفَعُ الشَّيْطَانَ عَنْ نَفْسِهِ بِحَقٍّ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّهُ دَخَلَ الْجَحِيمَ وَأَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةَ آدَمَ.

فَيُقَالُ: إِنْ كَانَ تَسَلُّطُ الشَّيْطَانِ عَلَى حَبْسِهِمْ فِي الْجَحِيمِ بِحَقٍّ لِأَجْلِ ذُنُوبِهِمْ مَعَ ذَنْبِ أَبِيهِمْ لَمْ يَجُزْ إِخْرَاجُهُمْ لِأَجْلِ سَلَامَةِ نَاسُوتِ الْمَسِيحِ مِنَ الذَّنْبِ وَإِنْ كَانُوا مَظْلُومِينَ مَعَ الشَّيْطَانِ وَجَبَ تَخْلِيصُهُمْ قَبْلَ صَلْبِ النَّاسُوتِ وَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي مُجَرَّدِ سَلَامَةِ الْمَسِيحِ مِنَ الذُّنُوبِ مَا يُوجِبُ سَلَامَةَ غَيْرِهِ وَإِنْ قَالُوا إِنَّهُ كَانَ بِدُونِ تَسَلُّطِهِ عَلَى صَلْبِهِ عَاجِزًا عَنْ دَفْعِهِ فَهُوَ مَعَ تَسَلُّطِهِ عَلَى صَلْبِهِ أَعْجَزُ وَأَعْجَزُ.

الْأَصْلُ الثَّانِي: الْفَاسِدُ الَّذِي بَنَوْا عَلَيْهِ سُؤَالَهُمُ الَّذِي جَعَلُوهُ مِنْ جِهَةِ الْمُسْلِمِينَ وَجَوَابُهُمْ ظَنُّهُمْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ هَذِهِ الْكُتُبَ حُرِّفَتْ أَلْفَاظُ جَمِيعِ النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ مِنْهَا بَعْدَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>