صفحة ١٠٤ من أن حركة الأرض حول محورها يبلغ من الانتظام والدقة بحيث لا يلحقه خلل ولا تقديم أو تأخير ثانية واحدة في موعدها ولو بعد قرون، وهكذا الباطل لا تجده إلا مختلفا ينقض بعضه بعضا.
وأما قوله وعلى هذا الأساس يقول العلماء أن الأرض لابد أن تقف يوما والله أعلم بذلك اليوم، وعند وقوفها يصبح الوجه المقابل للشمس نهارا دائما والوجه البعيد عنها ليلا دائما، وهذا ما أشار إليه الرب تبارك وتعالى في كتابه العزيز، وما ذكر الناس به من تعاقب الليل والنهار.
فجوابه من وجوه:
أحدها: أنه لا ينبغي تسمية أعداء الله باسم العلماء لأن هذه التسمية لا تليق بهم ولا تطابق حالهم، وقد تقدم التنبيه على ذلك قريبا.
وقد روى ابن أبي الدنيا وأبو يعلى والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا مُدح الفاسق غضب الرب واهتز لذلك العرش».
ومن المعلوم أن اسم العالم والعلماء من أعلى صفات المدح والتعظيم، وعلى هذا فلا ينبغي مدح أعداء الله ولا تسميتهم بأسماء المدح والتعظيم؛ لأن ذلك مما يغضب الرب تبارك وتعالى ويهتز له العرش.
الوجه الثاني: أن يقال إن الأرض لا تزال واقفة ساكنة منذ أرساها الله بالجبال إلى أن تقوم الساعة فترج رجا كما أخبر الله بذلك في قوله {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ * إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا * وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً} وقال تعالى {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} وقال تعالى {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً *