وأئمة العلم والهدى من بعدهم. وإنما تروج عند العصريين المفتونين بخرافات الإفرنج وأكاذيبهم ورجمهم بالغيب.
الوجه الثالث: أن يقال من أعظم الإزراء بالصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان وأئمة العلم والهدى من بعدهم أن يقال إنهم جهلوا معنى قوله تعالى {فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ} وأن أهل هذا العهد الأخير من الفلكيين وأتباعهم من العصريين الذين هم أبعد الناس عن معرفة معاني القرآن والعمل به هم الذين عرفوه. وهذا ظن سوء بخيار هذه الأمة لا يصدر من رجل له أدنى مسكة من عقل.
وأما قوله والذي تلا هذه الآية وأعلن هذه الحقائق العلمية الخطيرة منذ أربعة عشر قرنا من الزمن إنما هو نبي أمي من أمة أمية كانت في ذلك العهد أبعد الأمم عن العلم. فلم يكن ليعلم هذا ويقوله إلا بوحي من الله الذي خلق الخلائق وهو العليم بها وبحقائقها.
فجوابه من وجوه أحدها أن يقال إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تلا الآية الكريمة - أعني قول الله تعالى {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} الآية - وتلقاها عنه أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين. ولم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه قال: كان للأرض والقمر منذ خلقا أحقاب طويلة وملايين من السنين وإنهما كانا شديدي الحمو والحرارة في أول الأمر ثم بردا بعد ذلك وأن القمر كان يضيء في زمان حموه ثم زالت إضاءته لما برد.
ومن زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلن هذه الخرافات الجهلية الحقيرة فقد افترى عليه.