(لَفَّ القِمَاط، فيما يُستعمَل من الأغلاط)، وقد أكثر الكُتَّاب المتأخرون من ذلك، وألف في ذلك الشيخ إبراهيم اليازجي كتابًا سماه:(لُغَةُ الجَرَائد) إلا أنه قليل الفائدة، كثير الغلط في كثيرٍ مما عَدَّه غلطًا.
فعلى المنشئ أن لا يتابعَهم في استعمال لفظٍ إلا بعد تحقيقِ معناه لغةً. فمن أغلاطهم:(رَدَحٌ من الزَّمَن) يريدون حِصَّة قليلة، وإنما هو المدة الطويلة جِدًّا. وقولهم:(باهِظ) بمعنى كثير، وإنما هو الأمر المنتقل. وقولهم:(تَوًّا) بمعنى الآن، أو الوقت الحاضر، وهو غلط؛ إذ التَّوُّ الذهابُ على سَوَاءٍ واستقامة، بحيث لا يُعَرِّجُ على شيء، تقول: سار تَوًّا، أي لم يقف ولم يعرِّج. وقولهم:(نَاهَزَ) يريدون تَجَاوَزَ، وصوابه: قَارَبَ، إلى غير ذلك.
وأما العِزَّة: فهي سلامة الكلمة من الابتذال. والابتذال يقع على وجوه:
أحدها: نَقْلُ العامَّة الكلمةَ من معنى، واستعمالها في معنى غيرِ حَسَن، كـ (البُهْلُول) فأصله السَّيِّدُ الجامع لصفات الكمال، فأخرجه عَامَّتُنَا للمغفَّل، و (الخِرِّيت) أصله البصير بالطُّرُقَات، كما روي في حديث الهجرة، فاستعملوه للجبان. وكثيرٌ من أسماء الأضداد نَشَأ من مثل هذا.
الثاني: أن تكون الكلمة من موضوعات العامة المفقودة أو المَنْسِيَّة في فصيح الكلام، مثل (الخازَ بازَ) لذباب الرِّيَاض، ومثل (اللَّقالِق) جمع لَقْلَق، وهو طائرٌ له مِنْقَارٌ طويل دقيقٌ، ورِجْلاه طويلتان.