للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتقول: (خرجت فإِذا الأسد)؛ أَي: حاضر.

وهاهنا كلام آخر يأتي فِي الاشتغال.

وقال الشّاعر:

نَحنُ بِما عِندَنا وَأَنتَ ... عِندَكَ راضٍ وَالرَّأيُ مُختَلِفُ (١)

فـ (نحن): مبتدأ، والخبر محذوف، والتّقدير: (نحن بما عندنا راضون)؛ فحذف الخبر لدلالة خبر (أنت) عليه، وهو قوله: (راض).

ومنه قوله تعالَى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}، فـ (أحق أَن يرضوه): خبر (رسوله) عند سيبويه، وَلَم يجعله خبر الأول؛ لأنَّ فيه تفريقًا بَينَ المبتدأ والخبر.

وقيل: خبر الأول.


(١) التخريج: هذا البيت نسبه ابن هشام اللخمي وابن بري إلى عمرو بن امرئ القيس الأنصاري، ونسبه غيرهما -ومنهم العباسي في معاهد التنصيص (ص ٩٩) - إلى قيس بن الخطيم أحد فحول الشعراء في الجاهلية، وهو الصواب، وهو من قصيدة له، أولها قوله:
رَدَّ الخَليطُ الجِمالَ فَاِنصَرَفوا ... ماذا عَلَيهِم لَو أَنَّهُم وَقَفوا
وقيس بن الخطيم -بالخاء المعجمة- هو صاحب القصيدة التي أولها قوله:
أَتَعرِفُ رَسمًا كَاِطَّرادِ المَذاهِبِ ... لَعَمرَةَ وَحشًا غَيرَ مَوقِفِ راكِبِ
اللغة: الرأي: أراد به هنا الاعتقاد، وأصل جمعه أرآء، مثل سيف وأسياف وثوب وأثواب، وقد نقلوا العين قبل الفاء، فقالوا: آراء، كما قالوا في جمع بئر آبار وفي جمع رئم آرام، ووزن آراء وآبار وآرام أعفال.
الإعراب: نحن: ضمير منفصل مبتدأ، مبني على الضم في محل رفع، وخبره محذوف دل عليه ما بعده، والتقدير: نحن راضون. بما: جار ومجرور متعلق بذلك الخبر المحذوف. عندنا: عند: ظرف متعلق بمحذوف صلة "ما" المجرورة محلا بالباء، وعند مضاف والضمير مضاف إليه. وأنت: مبتدأ. بما: جار ومجرور متعلق بقوله: "راض" الآتي. عندك: عند: ظرف متعلق بمحذوف صلة "ما" المجرورة محلا بالباء، وعند مضاف، وضمير المخاطب: مضاف إليه. راض: خبر المبتدأ الذي هو أنت. الرأي: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. مختلف: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
الشاهد: قوله: (نحن بما عندنا)؛ حيث حذف الخبر -احترازًا عن العبث وقصدًا للاختصار مع ضيق المقام- من قوله: (نحن بما عندنا)، والذي جعل حذفه سائغًا سهلًا: دلالة خبر المبتدأ الثاني عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>