والثالث: ما يدل على هذا من الشرع، كالذي جاء في وصال الصيام وقطع الأزمان في العبادات، فإن الشارع أمر بالرفق رحمة بالعباد، ثم فعله من بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- علمًا بأن سبب النهي وهو الحرج والمشقة مفقود في حقهم، ولذلك أخبروا عن أنفسهم أنهم مع وصالهم الصيام لا يصدهم ذلك عن حوائجهم ولا يقطعهم عن سلوك طريقهم فلا حرج في حقهم وإنما الحرج في حق من يلحقه الحرج حتى يصده عن ضروراته وحاجاته، وهذا معنى كون سبب الرخصة إضافيًا، ويلزم منه أن تكون الرخصة كذلك لكن هذا الوجه استدلال بجنس المشقة على نوع من أنواعها وهو غير منتهض إلا أن يجعله منضما إلى ما قبله فالاستدلال بالمجموع صحيح"، وقد ورد عن أئمة الفقه ما يؤيد هذا الرأي في أمر المشقة، وإسناد تقديرها إلى المكلف. (١) محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري القرشي، الإمام المفسر، أصله من طبرستان، ومولده في الري سنة ٥٤٤ هـ، وإليها نسبته، وكان يحسن الفارسية، توفي رحمه اللَّه سنة ٦٠٦ هـ. انظر: طبقات الشافعية، ٤/ ٩٠، وفيات الأعيان، ١/ ٤٨٦، والاعلام، ٦/ ٣١٣. (٢) الموافقات، ٢/ ٣٩ - ٤٠.