للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما استدلوا بما وقع في غزوة حنين عندما قال عليه السلام لصفوان بن أمية (١): (يا صفوان هل عندك من سلاح؟) قال: عارية أم غصبا؟ قال: (لا، بل عارية)، فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعا، وغزا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حُنَيْنًا فلما هُزِمَ المشركون جُمِعَتْ دُرُوعُ صَفْوَانَ فَفَقَدَ منها أَدْرَاعًا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لصفوان: (إنا قد فَقَدْنَا من أَدْرَاعِكَ أَدْرَاعًا فهل نَغْرَمُ، فهل نغرم لك؟) قال: لا يا رسول اللَّه؛ لأن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ (٢).


(١) صفوان بن أمية بن خلف بن وهب الجمحي، قُتل أبوه يوم بدر كافرا، وحكى الزبير أنه كان إليه أمر الأزلام في الجاهلية، هرب يوم فتح مكة وأسلمت امرأته وهي ناجية بنت الوليد بن المغيرة، فأحضر له ابن عمه عمير بن وهب أمانا من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فحفر وحضر وقعة حنين قبل أن يسلم ثم أسلم، وكان استعار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منه سلاحه لما خرج إلي حنين، وهو القائل يوم حنين: لأن يَرُبني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن، وأعطاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الغنائم فأكثر، فقال: أشهد ما طابت بهذا إلا نفس نبي فأسلم، أقام بمكة حتى مات بها قبل عثمان، وقيل: عاش إلى زمن علي، ويقال: إنه شهد اليرموك. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ٣/ ٤٣٢ - ٤٣٣.
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب البيوع، باب بَاب فِي تَضْمِينِ الْعَوَرِ، رقم: ٣٥٦٣، وقال: "وكان أعاره قبل أن يسلم ثم أسلم"، وروى القصة الحاكم في المستدرك، ٢/ ٥٤، رقم: ٢٣٠١، وقال: "حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، قال ابن حجر رحمه اللَّه عن شهود: "صفوان بن أمية حنينا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو مشرك بأنها مشهورة في المغازي"، انظر: فتح الباري، ٦/ ١٧٩، وجاء في عمدة القاري، ١٣/ ١٨٣، قوله: "وأما حديث صفوان بن أمية فهو مضطرب سندًا ومتنًا وجميع وجوهه لا يخلو عن نظر، ولهذا قال صاحب التمهيد الاضطراب فيه كثير"، وفي التمهيد، ١٢/ ٤٠ - ٤١: "هذا اختلف فيه على عبد العزيز بن رفيع اختلافا يطول ذكره فبعضهم يذكر فيه الضمان وبعضهم لا يذكره. . . والاضطراب فيه كثير، ولا يجب عندي بحديث صفوان هذا حجة في تضمين العارية"، ويشهد أن للقصة أصلًا ما أخرجه مسلم، كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، رقم: ٢٣١٣، (عن بن شهاب قال غزا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غزوة الفتح فتح مكة ثم خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمن معه من المسلمين فاقتتلوا بحنين فنصر اللَّه دينه والمسلمين وأعطى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومئذ صفوان بن أمية مائة من النعم ثم مائة ثم مائة قال بن شهاب حدثني سعيد بن المسيب أن صفوان قال: واللَّه لقد أعطاني رسول اللَّه ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إلي فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي).

<<  <   >  >>